خطة السلام الأمريكية والاستيطان الصهيوني

بقلم: غسان مصطفى الشامي

تعتزم الإدارة الأمريكية عرض خطتها الجديدة للسلام في ( الشرق الأوسط ) من بداية العام الجديدة 2019م ، وهي تقدم حسب الوصفة الأمريكية ما تسميه حلول للصراع بين الفلسطينيين والصهاينة، وتؤكد إدارة ( ترامب ) أن الخطة تتوافق مع احتياجات الفلسطينيين، و تعمل السفيرة الأمريكية  في الأمم المتحدة ( نيكي هيلي) على التسويق لهذه الخطة ؛  مشددة على أن هذه الخطة ستختلف عن غيرها من الخطط لما تحمله من تفاصيل مدروسة.

إن الخطة الأمريكية الجديدة للسلام كاذبة تبيع الوهم للمفاوض الفلسطيني ، وهي معدة وفقا لرؤية الاحتلال الإسرائيلي، وستعترف بالمستوطنات وبالواقع الجديد بعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس؛ حيث تحدثت ( هيلي ) خلال كلمتها في الأمم المتحدة قبل أيام أن هذه ( الخطة تعترف بأن الواقع على الأرض في الشرق الأوسط قد تغير) إشارة منها بالاعتراف بالمستوطنات ، وأن هذه الخطة تشتمل الكثير من التفاصيل المدروسة، وستكون حسب تصريحات ( هيلي ) مكاسب الفلسطينيين كبيرة للغاية إذا انخرطوا في مفاوضات السلام.

إن خطة السلام التي تحدثت عنها ( هيلي ) معدة منذ أكثر من عام، وهي تحمل نفس المفردات والتفاصيل التي تتوافق مع الرؤى الصهيونية مع وجود المستوطنات، فقد أفادت صحيفة ( اسرائيل هيوم) العبرية " أن فريق السلام الأميركي التابع للبيت الأبيض برئاسة المستشار الخاص لترامب  (جارد كوشنير) والمبعوث الخاص للشرق الأوسط ( جيسون غرينبلات ) أكمل كتابة الفصل السياسي لخطة السلام الجديدة ويقوم حالياً بإكمال كتابة الفصل الاقتصادي، ومن المتوقع أن يتم تفصيل خطة  في الأيام القادمة، وتم ترك بعض القضايا للمفاوضات، حيث قد تقبل إدارة ترامب بتسليم أجزاء من القدس للفلسطينيين، دون توضيح ماهية الأحياء التي يجري الحديث عنها، و تبنت إدارة ( ترامب) الموقف الإسرائيلي بضرورة وجود إسرائيلي غير محدود في غور الأردن نظير الاحتياجات الأمنية "  بحسب مزاعم الصحيفة.

إن جل الخطط والتصورات الأمريكية لما يدعونه ( السلام ) هي قديمة حديثة ويتم عرضها على المسؤولين في الكيان قبل تقديمها أمام العالم ووسائل الإعلام؛ في المقابل فإن الصهاينة يعتبروا أن وجود المستوطنات من وجود الكيان وأن الاستيطان ضمن الخطوط الحمراء في السياسية ( الإسرائيلية)؛  بل إن أي حكومة إسرائيلية تقطع على نفسها وعود في زيادة بناء المستوطنات وزيادة الحوافز والدعم المقدم للمستوطنين.

وقبل أيام كتب أحد الكتاب الصهاينة في صحيفة (إسرائيل اليوم) العبرية يدعى (نداف شرغاي) مقالا يتحدث فيه عن مدى أهمية المستوطنات وحمايتها لوجود ( إسرائيل) أكد فيه أن بناء المستوطنات في الضفة والقدس يحمي وجود اليهود في فلسطين، وشدد على أن الاستيطان ساهم في توفير الأمن لليهود، ويحدد حدود (إسرائيل) موضحا أن خريطة الاستيطان لحزب العمل الصهيوني في عهد حكومة ( إسحاق رابين) الأولى كانت عبارة عن عشرات المستوطنات اليهودية التي بنيت في عهد حكومات الليكود، حيث أقيمت في نقاط حيوية مختلفة وبهدف توسيعها لتصبح مدن إسرائيلية.

وأوضح  (نداف شرغاي)  في مقاله أن ثمن حماية المستوطنات وقطعان المستوطنين يكلف ( إسرائيل ) كثيرا،  وأن حمايتها لا تقاس بالمال بقدر ما توفره من حماية لليهود؛ قائلا "مئات آلاف المستوطنين في الضفة، ليسوا هم عبء على الجيش، بل لولاهم لاضطر الجيش إلى تفعيل قوات بحجم أكبر كي يمنع إقامة (حماستان) في الضفة ونار الصواريخ التي ستواجه نحو المستوطنات الخاصرة الضيقة لـ (إسرائيل) مشددا على أن المستوطنات تواجه منذ سنوات الهجمات عليها وتمنع ما سماهم (الإرهابيين) من الوصول إلى المراكز السكانية (الإسرائيلية) في السهل الساحلي الفلسطيني .

إن الكيان الصهيوني لم يتخل يوما عن مواصلة بناء المستوطنات ويعمل على تأمين حدود المستوطنات وحمايتها وتسليح المستوطنين؛ لذا فإن المستوطنات تمثل العقبة الكبيرة أما فريق أوسلو التفاوضي والذي لم يأخذ شيئا من المفاوضات ولم يحقق أي انجاز على صعيد وقف المستوطنات وتفكيكها أو الحصول على دولة كما يحلم بها فريق (أوسلو).

إن أية خطة أمريكية أو أوروبية وأية تصورات ومقترحات لا يمكن أن تتخطى المستوطنات التي تحيط في مدن وقرى الضفة من كل جانب وتغطي مساحات شاسعة من القدس بشقيها الشرقي والغربي؛ بل إن جل حكومة ( نتنياهو) هم مستوطنين وتعمل الحكومة الصهيونية باستمرار على إقرار مخططات استيطانية جديدة تستهدف سرقة المزيد من أرضنا في الضفة والقدس؛ لذا فإن الصهاينة لم يتوقفوا في المستقبل القريب عن بناء المستوطنات بل يعتبرونه من ثوابت وجودهم رغم الاستنكارات والنداءات الدولية لهم – إلا أن البناء في المستوطنات يتواصل وذلك من أجل الإيغال في الجرائم بحق أرضها وتشويه الخارطة الجغرافية للأرض المباركة وفرض وقائع جديدة لتشديد السيطرة على أرضنا وإحاطتها بسيل من المستوطنات والثكنات العسكرية .

إلى الملتقى ،،

بقلم/ غسان الشامي