قرار رؤساء الائتلاف الحكومي بحل الكنيست الاسرائيلي وتبكير اجراء الانتخابات بالتاسع من نيسان من العام 2019 ... جاء كما هو معلن على خلفية الفشل في ردم الهوة القائمة بين مواقفهم من قانون التجنيد .
ربما يكون في هذا السبب كالمثل القائل (الشعرة التي قسمت ظهر البعير) ... لكنه ليس السبب الوحيد لاتخاذ قرار حل الكنيست وتبكير الانتخابات .
الائتلاف الحكومي بزعامة نتنياهو وحالة الفشل القائم ... والازمة العميقة التي يعيشها الائتلاف في ظل عدم توفر المساحة المطلوبة للتحرك بأي اتجاه .. حكومة لا تمتلك بتركبتها الحالية امكانية قرار حرب ... كما ان هذه الحكومة لا تمتلك امكانية قرار سلام .... في ظل الهدف القائم والمرتبط بتركيبة هذه الحكومة الساعية الى استمرارها ... وعدم انهيارها ... وحتى في ظل فشلها .
حكومة يمينة متطرفة تلزم المشاركين بها حقوق سياسية واقتصادية واجتماعية لا يمكنها من العمل بسهولة ويسر في ظل ما يحيطها ... حكومة تحظى ب61 صوتا من اعضاء الكنيست والمرجح لها .... والمبقى على وجودها حزب المستوطنين ومدى الرضى لزيادة عدد المستوطنات واعداد المستوطنين وما يمكن ان يتوفر من موازنات مالية لأجل المستوطنات والاستيطان كما شرطهم باستخدام المزيد من القوة ضد الفلسطينيين .
انهيار حكومة نتنياهو وتفكك ائتلافها كان أمرا واردا وقائما ليس بسبب الخلاف حول قانون التجنيد ... لكنه لأسباب عديدة لها علاقة بفشل هذه الحكومة في تحقيق الامن والاستقرار ... وعدم قدرتها او رغبتها بحكم ائتلافها من تحقيق تسوية سياسية وفق مفهوم حل الدولتين .
زعيمة المعارضة الاسرائيلية ليفني والتي تحدثت عن قرار حل الكنيست وتبكير موعد الانتخابات وان يكون العنوان اعادة الامن بغلاف غزة وعلى جبهة الشمال والضفة ... وعودة الديمقراطية والمساواة كما تقول زعيمة المعارضة الاسرائيلية ومن اجل الانفصال عن الفلسطينيين يجب ان يتم الانفصال عن نتنياهو حسب قولها ... وكأنها تقول ان الانفصال عن الفلسطينيين وايجاد تسوية معهم لا يمكن ان تتحقق الا بسقوط نتنياهو واليمين المتطرف والذي يعمل بعقلية سياسية تدميرية لدولة الكيان .
أي ان التوجهات لإسقاط نتنياهو بالانتخابات القادمة ... وتغيير موازين الخارطة الحزبية الداخلية والائتلافية المتوقعة للحكومة القادمة اولوية لدى المعارضة الاسرائيلية والجمهور الاسرائيلي الذي يرى بنتنياهو رجلا فاشلا على المستوى الداخلي بما يتعلق بملفات الفساد وبما يتعلق بقانون القومية ويهودية الدولة وحالة الغضب العربي داخل الخط الاخضر ... كما حالة الانسداد بعملية المفاوضات والتسوية السياسية مع الفلسطينيين .
حكومة نتنياهو القائمة والتي ستسقط بفعل حل الكنيست وتبكير الانتخابات تدلل على ان قانون التجنيد ليس السبب الوحيد لقرار حل الكنيست وتبكير الانتخابات على اعتبار ان هناك العديد من الاسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية داخل دولة الكيان جعلت من هذا القرار أمرا ملحا ومطلوبا في ظل هشاشة الائتلاف وعدم قدرته على الصمود امام أي هزة سياسية او اقتصادية او اجتماعية وما ترتب على هذا الائتلاف من تحكم حزب المستوطنين بصورة حاسمة في المناورة وممارسة الضغوط على نتنياهو لتمرير متطلباتهم .
العاصفة التي حدثت بحكومة نتنياهو واستقالة ليبرمان وما جرى من منافسة شديدة بين بينيت ونتنياهو في الحصول على منصب وزارة الحرب والتي فاز بها نتنياهو في ظل عدم التسليم الكامل له بهذا المنصب واستمرار تهديد الائتلاف حتى وصلت الامور الى مرحلة قرار حل الكنيست وتبكير الانتخابات .
كافة الاسباب التي تدعوا لحل الكنيست وتبكير الانتخابات وحتى لا تسقط الحكومة بفعل انسحاب أحد المشاركين بها كان هذا القرار في ظل فشل ملموس على صعيد تحقيق الامن لمستوطنات غلاف غزة وحتى للمستوطنات والمغتصبات داخل اراضي الضفة الغربية .
من هنا كان فقدان الامن والاستقرار ... وحتى الفشل في الوصول الى تسوية سياسية مع القيادة الفلسطينية من الاسباب الاساسية التي وفرت ارضية مثل هذا القرار .
حاول نتنياهو من خلال ائتلافه الحكومي ان يستخدم من المماطلة والمراوغة ... كما يستخدم من القوة المفرطة ما يمكنه من الوقوف والثبات في مواجهة ارادة المجتمع الدولي الذي يدعم الحقوق الوطنية الفلسطينية وما تشهده القضية الفلسطينية من انجازات سياسية ودبلوماسية على صعيد العشرات من القرارات الاممية وما يجري اليوم من اجل الحصول على عضوية دولة فلسطين بصورة كاملة بالأمم المتحدة ومدى التأييد التي تحظى به فلسطين ومدى المشاركة والعضوية بعشرات المؤسسات الدولية ومدى قدرة الخطاب السياسي الفلسطيني على اختراق العديد من الجبهات والمواقف لصالح قضية فلسطين وحريتها زاد من حالة الارباك الاسرائيلي وجعلهم يتحركون بمفهوم العنصرية والغطرسة واستخدام المزيد من القوة لاجل التحكم والسيطرة وتقليص الحقوق ان لم يكن انهائها .
فشل نتنياهو وحكومته في تحقيق الامن والاستقرار لدولة الكيان ... كما فشلوا في اتمام التسوية السياسية وفق مفهوم حل الدولتين ... كما فشلوا امام العالم لفرض رؤيتهم السياسية المخادعة وما ترتب على حالة الانسداد وقرار الحل من موقف امريكي مرتبك ومتناقض حول موعد الاعلان عن ما يسمى بصفقة القرن وعدم امكانية الاعلان عنها في ظل الفترة الحالية وحتى شهر نيسان من العام القادم .. وحتى ما بعد اجراء الانتخابات وما يمكن ان يحدث من متغيرات سياسية .
بكل الاحوال قرار حل الكنيست وتبكير الانتخابات تعبر عن حالة فشل اسرائيلي حكومي قاده نتنياهو .... مما يعكس امكانية ان لا يكون هو رئيس الوزراء القادم .
بقلم/ وفيق زنداح