خطوة حل المجلس التشريعي التي أقدم عليها رئيس السلطة الفلسطينية السيد أبو مازن بواجهة مشكوك أصلاً في شريعتها ، وهي المحكمة الدستورية ، لا تزال تثير موجة من الانتقادات والاعتراضات إلى حد القول أنها مناكدة سياسية لا سند قانوني لها ، وفي المقابل هناك من اعتبرها قانونية على اعتبار أنّ خطوة الحل جاءت من مؤسسة دستورية !!! . ما يهمني من الموضوع ليس في دستورية القرار من عدمه ، ما يهم هو الوقوف والتأمل ملياً في مواقف جميع الأطراف ، المعترض والمؤيد ، وخلفيات مواقفهم .
السلطة وحركة فتح ومن يصطف عادةً معها وبشكل تقليدي ، مواقفهم تأتي ربطاً بمواقف السيد أبو مازن ومشيئته ورغبته ، وهو الذي لم يخفي ومنذ فترة لا بأس بها نيته حل التشريعي واتخاذ قرارات بحق حماس ستكون موجعة ومؤثرة ، والعقوبات على قطاع غزة كانت المقدمة لقرار حل المجلس التشريعي ، وما سيستتبعه من قرارات لا زالت في أدراج طاولة رئيس السلطة في مقر المقاطعة برام الله ، التي استباحتها قوات الاحتلال الصهيوني منذ مدة ليست بالبعيدة بحثاً عن منفذي عملية عوفرا ، والذي بقي من دون رد .
في سياق الصراع المحتدم على السلطة بين حماس وفتح ، لجأت الأخيرة متسلحة بالسلطة ورئيسها ، إلى استخدام كل ما هو متاح من أجل إخضاع حماس في الاستجابة الفورية إلى تمكين حكومة الدكتور الحمد الله فوق الأرض وتحتها وإلاّ . على هذا الأساس ترى فتح ومن معها أن من حقها سلوك كل الدروب في عملية الإخضاع تلك ، وحل التشريعي بعد فرض العقوبات ، واحدة من سلة إجراءات أقدمت السلطة عليها حتى الآن . ولكن السؤال لماذا اليوم تأتي خطوة الحل تلك ؟ ، خصوصاً وأن سيطرة حماس على القطاع تجاوزت أل 10 سنوات ، والمجلس من حينها معطل ولا حول له ولا قوة ، ناهينا عن عدم الخوض في شرعية المحكمة الدستوريةمن عدمه ، وهي المطعون فيها أساساً .
الفصائل التي رفضت حل المجلس ، هم خليط من فصائل منضوية في إطار منظمة التحرير ، وفصائل من خارج . من هم في إطار المنظمة لهم أسبابهم ، من خلفية اعتبار أن خطوة حل المجلس جاءت من خارج قرارات المؤسسة والمرجعية المفترضة منظمة التحرير ، وبالتالي لهم أعضاء في المجلس التشريعي ، لذلك قد تبرر لهم مواقفهم الرافضة لحل المجلس . ولكن السؤال المطلوب الإجابة عليه ، هل سلوك السيد أبو مازن وهو المتهم من قبل تلك الفصائل أنه يستأثر بالمؤسسات الوطنية الفلسطينية ، ويتفرد باتخاذ القرارات ، ويضرب الكثير منها بعرض الحائط ؟ .
وفي سياق الرافضين لقرار حل التشريعي من البديهي أن تقف حماس في مقدمتهم ، وهي محقة لآنها خطوة أبو مازن تستهدفهم مباشرة ، كيف لا وهم يسيطرون على المجلس بشكل ديمقراطي . هذا من جهة وممن جهة أخرى ، في خطوة حل التشريعي حماس قد تفقد منبراً برلمانياً لا يستهان به ، تستطيع من خلاله مخاطبة برلمانات العالم ، ونسج العلاقات مع الكثير منها ، ولذلك أطلق أحد قيادات السلطة وفتح تحذيراً لحماس في عدم مخاطبة أيٍ من تلك البرلمانات ، وأن السلطة بصدد إرسال رسائل إلى تلك البرلمانات في عدم التعامل مع التشريعي في غزة ، لأنه غير شرعي بعد قرار حل التشريعي .
وتبقى الفصائل من خارج المنظمة والسلطة ، ماذا يضيرها إذا حل المجلس أم لم يحل ، وهي تعتبره أحد إفرازات اتفاق " أوسلو " ، الذي ترفضه جملة وتفصيلاً ، وماذا ستقدم موافقهم في هذا السياق ، وقد سبق قرار حل التشريعي ما هو أخطر وتحديداً استمرار العبث والتوهان السياسي والوطني الذي تمارسه السلطة ، مضافاً لذلك القفز على المؤسسات الوطنية ، لا سيما المجلس الوطني الذي أصرّ السيد أبو مازن على عقده رغماً عن مواقف الفصائل وقرارات اللجنة التحضيرية في بيروت . والسؤال هل مواقفكم من خلفية الانتصار لحركة حماس ؟ ، أم أن خطوة حل التشريعي ستزيد من تعميق هوة الانقسام ، الذي وللأسف لا شفاء منه ، أقله بالمدى المنظور
بقلم/ رامز مصطفى