أفخر بتاريخها .. واتألم لواقعها ... واتطلع لمستقبل افضل لها ولقيادتها ولأعضائها ... اعتز بديمومتها باعتبارها مصنع الرجال .... وايماني لا يتزعزع بأنها حركة الشعب والتاريخ الوطني ومحطاته الكفاحية والنضالية .
ايماني ليس وليد اللحظة ... بل نتاج تجربة طويلة ... وعمر مديد ... ورؤية شاملة ودراسة مستفيضة وتحليل موضوعي لحقيقة ما يجري وما يدور .
تعرفت عليها شابا صغيرا من خلال صوت العاصفة والاغاني التي كان ينشدها والتي كانت داخل كل بيت وحي ... كما تعرفت عليها وعلى نقائها ووطنيتها من خلال اساتذتي الذين لن انساهم ... لانهم العظماء بعطائهم وايمانهم ورسالتهم الوطنية والتعليمية ... وواجب الوفاء لهم ... والتذكير بهم حتى لا يصبح النسيان ظاهرة تلازمنا وتباعد بيننا وبين الحقيقة والحقائق الساطعة التي يجب قولها واطلاع الاجيال عليها .
حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ... ليست حركة عادية ... بل انها حركة الجماهير الفلسطينية ... ومفجرة الثورة المعاصرة ... التي التفت حولها الجماهير منذ الاول من يناير 65 واستمرت الجماهير بالالتفاف حولها وبالملايين داخل الوطن وخارجه ... والكتابة عن تاريخها ومحطاتها النضالية وقياداتها وكوادرها ومعاركها البطولية يحتاج الى الاف الصفحات ... ولكن يكفي ان نقول انها فتح الثورة وام الجماهير والمتمسكة بالثوابت الوطنية واستقلالية القرار الوطني وانها الحركة التي تقول ما تؤمن به ولا تضلل جماهيرها ... ولا تخادع شركائها ... تؤمن بطريقها كما تؤمن بخياراتها واهدافها .
سأكتب بقدر ما يمكن استيعابه بمقال بما تعرفت وشاهدت ... وبما أمنت وايقنت ... بحكم تجربة طويلة أثبتت فيها فتح انها حركة مستمرة ومتطورة بتوجهاتها والياتها وبنضالها حتى النصر او الشهادة .
البدايات كانت عصيبة ومحطات فتح النضالية لم تكن سهلة وميسرة بل تمت المسيرة بظروف وتحديات كبيرة ... لكنها تجاوزت الكثير منذ انطلاقتها في ظل معادلة تحيط بها اقليميا ودوليا ... لكنها انطلقت بايمانها وثقتها وعزيمتها ... ولا زالت مستمرة على دربها ونضالها ... حققت الكثير ... ولا زال على طريقها الكثير مما لا زال على طريق التحقق وحتى الوصول الى الاهداف الوطنية الثابتة .
بهذا الجزء العزيز من الوطن الفلسطيني في غزة البطولة والفداء والعظمة والايمان بالمشروع الوطني التحرري ... كنا نعيش مرحلة البدايات للثورة المعاصرة لانطلاقة حركة فتح في مرحلة شبابنا وعنفواننا الثوري ... كنا ننظر الى من حولنا .. حتى ونحن بمقاعد الدراسة شبابا صغارا داخل مدرسة عريقة انتجت الكثير من الرجال والمناضلين ... انها مدرسة فلسطين الثانوية التي تعلمت فيها اجيال عديدة على ايادي اساتذة افاضل محترمين يشهد لهم الوطن بالوطنية الخالصة التي كانت بداخلهم وما قدموه من جهد ونضال محسوب بفكرهم الوطني الذي كان بداخلهم ... في ظل ظروف احتلالية قاسية ... لكنها لم تحول دون اداء الرسالة الوطنية ... سأذكر بعضهم على سبيل المثال وليس الحصر ومنهم من انتقل الى رحمته تعالى ولا اعرف من تبقى على قيد الحياة داعيا لهم بالرحمة وطول العمر ... انهم الاساتذة الافاضل وهم من الخلايا الاولى لحركة فتح هشام زينة ... عطا ابو كرش ... محمد عاشور ... رشاد الحلو ... محمد ابو الفتح ... وغيرهم من الزملاء الطلبة الذين لن اذكر اسمائهم والذين تقلدوا العديد من المناصب النضالية والوطنية .
تاريخ فتح يصاحب تاريخ حياة كلا منا ... وهو يعتبر تاريخ وطني حصري تعايشنا معه بكل صدق وايمان وعقيدة وطنية .... تؤمن بوحدة شعبنا ... ووحدة قواه السياسية .... تؤمن بأن لا فرق بين فلسطيني وفلسطيني .... وان المجال مفتوحا وميسرا للاجتهاد الوطني في ظل سياق وطني ملتزم بالشرعية الوطنية ومؤسساتها وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد .
تاريخ فتح في غزة كما في نابلس والخليل وجنين ورام الله كما تاريخ فتح في الاغوار والكرامة وقلعة شقيف والنبطية والعرقوب ومخيمات اللجوء بعين الحلوة والبداوي وبرج البراجنة ونهر البارد وغيرها من المخيمات . تاريخ فتح بمخيم جباليا الثورة والمخيمات الوسطى وحتي رفح الصمود .
فتح ليست اسما عابرا ... بل تاريخا وطنيا ملازما وملتزما بارادة شعب مصمم على الحرية والاستقلال ... انه التاريخ الحديث لنضال شعب الجبارين والذي يؤكد على ان فتح وجدت لتبقى ... ولتنتصر ... وانها حركة الوطنية الفلسطينية التي تمد اياديها لكل عاشق للوطن ولكل منتمي لقضيته وشعبه .
هكذا تعلمنا ونحن شبابا صغارا على ايادي الاوائل من ابناء الفتح والذين لم نكن نعرفهم بانتمائهم ... لكننا تعرفنا عليهم بوطنيتهم وانسانيتهم واخلاصهم في اداء رسالتهم .
ذكرى انطلاقة حركة فتح ليست ذكرى عادية بل انها ذكرى تاريخية لشعب خرج من دائرة المخيم ومن واقع التسول الى محطات النضال ورفع الهامات والشموخ بقضيته والتي لا يمكن التنازل عنها وعن اهدافها وخياراتها الوطنية والنضالية مهما كانت الاسباب والذرائع .
فتح اليوم توقد شعلتها بذكرى انطلاقتها 54 وهي اكثر ايمان وعزيمة بانها وجدت وسوف تستمر ... وستنتصر بفعل جماهيرها والملايين الملتفة من حولها .... ووفاءا لقادتها الشهداء وعلى رأسهم الشهيد الرمز ياسر عرفات وكافة شهداء فتح والثورة .
انه يوم عظيم تتجلى فيه عظمة شعبنا وايمانه برسالته الوطنية ومدى تمسكه بثورته المستمرة وحتى النصر .
بقلم/ وفيق زنداح