نحرص بحكم المهنة على الكتابة بنهاية كل عام ... حتى نعطي جزءا من الصورة ... لجزء من المحطات والاستخلاصات ... ومدى الارتباط بدرجة التواصل ما بين العام والاعوام السابقة ... ومدى الاستعداد حتى وان قل بكثير مما يجب لاجل عام جديد ... نكون فيه اكثر قبولا وحضورا وفعلا يرضي اغلبيتنا ... ويجد ارضية دعمنا والالتفاف حول قضيتنا ... والمساعدة على حل ازماتنا ومشاكلنا الكثيرة .
ان نكون اكثر وحدة وتماسك وترابط وحرصا على الوطن ووحدته والشعب وتماسكه ... والقضية وعلو شأنها ... هذا أملنا الذي كنا نطوق اليه .. ولا زلنا نعيش لأجله .. والموت في سبيله .
استخلاصات ومراجعات عام مضى ... لا يختلف كثيرا عن استخلاصات ومراجعات الاعوام الاخيرة التي لا زلنا فيها نعيش بحالة الانقسام الاسود والذي يزداد بحدته وتفاعله السلبي .. والذي خلف لدينا الكثير من الكوارث والتأثيرات المباشرة وغير المباشرة والتي يصعب حصرها ... وحساب نتائجها المدمرة ... ومدى امكانية ايجاد سبل الحلول لعلاجها .
بشكل عام ... كان العام مليء بالاحداث المتلاحقة ... كما كان مليء بالعثرات والتحديات والمصاعب الاضافية ... ولا زالت حساباتنا متعثرة ... وفي غير محلها ... لاننا نتجاهل المعرفة الشاملة والدراسة الكاملة ... والتحليل الموضوعي لاتخاذ ما يجب اتخاذه من قرارات صائبة اتجاه حالة شاذة واستثنائية .
لا زال كلا منا تحت تأثير تجربة عاصفة لايام سوداء واحداث مأساوية تتكرر مشاهدها ومواقفها .
حكمة المعرفة والدراية بحقيقة الامور والقضايا حول ما هو صائب وما هو خاطئ ... ليس بالامر الصعب والمستحيل ... ولا ندعي القول ان الحقيقة نعرفها جميعا ... وانها معلومة لدى الكبار والصغار ... لكن الحقيقة ايضا .... انها لا يمكن ان تعجب اثنين !!!
وطالما كنا ولا زلنا ندور حول انفسنا دون وقفة ومراجعة واستخلاص للتجربة .. وايجاد الحلول للمشاكل والازمات بصورة وحدوية وشمولية ... فإننا سنبقى ندور حول انفسنا ... ونتجادل مع بعضنا ونتحاور بصراخنا وبأصواتنا المرتفعة .... لكنها بالحقيقة حوار الطرشان كما يقال !!!
حوار الطرشان اننا نتحاور ... واننا نلتقي ... واننا نريد الوصول للنتائج دون المقدمات التي يجب دفعها .. محاولة فاشلة غريب أمرها لمن يعتقد واهما انه يضحك على الاخر .. وانه بامكانه ان يضلل من حوله .... لكسب الوقت .... ولا يعرفون ان الوقت الضائع كلفته كبيرة وثمنه باهظ ولا يخدم أحدا منا .
تحميل الواقع بكل ما فينا وعلينا مسألة غير حكيمة ... ولا تعبر عن رؤية شاملة وحسابات دقيقة على اعتبار ان الحلول يجب ان تبدأ من الواقع الاصح ... للمشهد الافضل والذي يمكن من خلاله الانطلاق صوب ما يجب فعله وبما يخدم الجميع .
وحتى نحدد استخلاصات عام مضى بالتالي :-
اولا :- فشلنا بتحقيق وحدتنا ... وما لهذا الفشل من تبعات ونتائج يصعب تحملها ومعرفة اثارها المباشرة وغير المباشرة .
ثانيا :- ليس بامكان أحد شطب الاخر ... واننا جميعا شركاء بالوطن ... ولا يجب اضاعة المزيد من الوقت .... باهدار الكثير من الطاقات المحدودة بالاصل لاجل اهداف شخصية وفئوية .
ثالثا :- مواقفنا المدروسة والواقعية تمكننا من المواجهة وتحقيق أفضل النتائج في ظل معادلة سياسية دولية لا تعترف بالمنقسمين والضعفاء والذين لا يحترمون بعضهم البعض .
رابعا :- الشرعية الوطنية الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد ... شرعية وطنية تاريخية تم المحافظة عليها عبر مسيرة النضال الطويل ولا يجب ... ومن غير المسموح ان تتعرض للخطر والتهديد في وحدانية التمثيل .... وما تم انجازه بالحلبة السياسية الدولية والعربية ... صورة لا تقبل الاجتهاد ولا حتى محاولة المساس بأهم انجازات شعبنا في التاريخ الحديث .
خامسا :- فصائلنا بكافة تلاوينها ومشاربها الفكرية وخياراتها النضالية يجب ان تقف وقفة صدق ومراجعة .... وان لا تكرر نفسها ومقولاتها وشعاراتها ... وكأنها تتقدم وهي بالاساس تتراجع بالوعي والمكانة .... وهذا ما يحتاج الى شمولية الوقفة والمراجعة لاستخلاص ما يجب استخلاصه وازالة كل ما هو وهم .... حفاظا على تلك الفصائل التي تعتبر مكسبا وطنيا يجب المحافظة عليه .
سادسا :- اعلامنا بكافة منطلقاته ووسائله كان شريكا بحالة التشتت وتعميق الانقسام ... ولم يكن قادرا بحكم ملكيته من ان يستقل برأيه وان يحدد خطواته وان يعمل على ارضية الخلاف برؤية صحيحة ... حتى وان كان الاعلام ليس صانعا للقضايا ل.... كنه ناقل لها .... الا ان النقل والتحليل والتحرير يجب ان يكون بصورة موضوعية ومهنية وان لا يخرج عن اطار وسقف ما يجب على الاعلام فعله .... وان لا نخلط ما بين مهنية الاعلام ... وحرية المثقف ... وما بين الرأي الفصائلي .
عام يمضي واستخلاصاته كثيرة ويجب ان تكون مراجعاته عديدة .... ليضاف الى اعوام سابقة اقل ما يقال اننا لا نتعلم من تجاربنا ... واننا لا زلنا نغطي على عيوبنا .... ونتجادل بالدفاع وتبرير الاخطاء دون الاعتراف بها ... وهذه سمة وصفة لا تعطي من النتائج التي نتمنى ان تكون ... بل تنعكس بالسلب على مجتمع وقضية واجيال متتابعة .... تتمنى ان ترى النموذج الذي يحتذى به ... لا ان ترى .... ولا ان تشاهد .... ما اصبح عيبا علينا فعله ومشاهدته بنهاية عام ... وبداية عام جديد يجب ان ننقل فيه من الامال التي تحفز الناس على الصمود والصبر وليس نقل الالام التي تزيد بأوجاعها وتصنع اليأس بالنفوس .
وكل عام وانتم بخير
بقلم/ وفيق زنداح