كان الصمت المجنون يجتاحه كإعصار وقح، بينما ظلتْ امرأة مثيرة أتتْ ذات مساء لزيارته، بعدما علمتْ بأنه مريضٌ بإنفلونزا عادية، وتغيّب عن العمل لأيامٍ.. كانت المرأة تقف قرب النافذة، والصمت يحتلّ غرفة الصالون كان يتمدد على أريكته ويشاهد فيلما هنديا أنتج حديثا.. المرأة التي أثارته بليسها الضيّق ظلت تقف قرب النافذة وتدخن سجائرها الفاخرة، أما هو فاجتاحه الخجل الشرقي، ولم ينظر إليها، لأنها كانت تثيره.. ظل الصمت المجنون مخيما لأكثر من نصف ساعة في جو الغرفة.. كان يسعل في فراشه ويتناول مشروبا ساخنا ويلعن الإنفلونزا، التي أرغمته على النّوْم لأيامٍ في بيتِه المُمل.. المرأة كانتْ تنظر إليه، وكانت تقول في ذاتها لماذا هذا الخجل يا شقي.. كان ينظر خلسة إليها ويقول إلى متى سيظل الصمت هنا، فلماذا لا تعالجيني؟ كانت المرأة تفهم من نظراته، رغم خجله ما يريد منها، الصمت ظل في غرفة الصالون مخيما كغيمة جافة، والفيلم الهندي ظلت تصدح أغانيه الراقصة، والمرأة ظلت تدخن قرب النافذة، لكنها في النهاية أتت صوبه وقالت له تعافى أيها الرجل، لا أريدك أن تظلَّ مريضا، سأعطيكَ علاجا سحرياً الآن، فهيا ابعد الخجل عن محياكَ، فنظراتك الوقحة تشير إلى رغبتكَ في احتضاني، فقال لها بينما كان يسعل: ألا تخافين من أن تمرضي، فقالت له: بلى، لكنني أريد كسر الصمت هنا وتبديد خجلك المجنون، فابتسم لها وقال: هيا عالجيني بعناقِكِ المجنون، لقد اشتقتُ إلى دفئكِ ...
بقلم/ عطا الله شاهين