موقفان على النقيض من بعضهما البعض ، كان مسرحهما كل من الأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة ، منها ما يرتقي إلى مستوى البناء عليه في الرد على المتهافتين إلى كسب رضا الكيان الصهيوني والتطبيع معه . وعلى النقيض منه موقف مذل ومهين لتاريخنا ، ومتناقض جذرياً مع قيمنا وتنكر لتضحياتنا ، وإمعان في المزيد من التفريض بأرضنا ومقدساتنا .
في الأردن ورداً على الشكوى " الإسرائيلية " على ما أقدمت عليه الوزيرة الأردنية جمانة غنيمات من دوس للعلم " الإسرائيلي " على المدخل الرئيسي لمبنى نقابة المهندسين في عمان ، فقد أكد رئيس مجلس النقباء لمجلس النقابات المهنية الأردني السيد إبراهيم الطراونة ، أن مجلس النقابات قرر وضع العلم " الإسرائيلي " على مداخل جميع فروع مراكز النقابات في الأردن ، حتى يدوسه جميع الزائرين لتلك المراكز والفروع .
موقف مجلس النقابات المهنية جاء منسجماً مع ما تتطلع إليه جموع أبناء أمتنا العربية في الإبقاء على قضية فلسطين محوراً وأساساً للصراع مع الكيان الصهيوني ، ورافضة لكل أشكال الإنهزام والإستسلام لهذا الكيان وحركته الصهيونية ، وفي السياق رافضة لكل أشكال التطبيع معه .
وعلى الضفة الأخرى يأتي موقف السلطة الفلسطينية من قضية تسريب الأراضي الفلسطينية في القدس إلى اليهود الصهاينة ، والطريقة المسيئة لتضحيات شعبنا وحقوقه ومقدساته ، والمتمثلة في نية السلطة تسليم المدعو " عصام عقل " المتهم الرئيسي في بيع أراضٍ في القدس للمستوطنين ، إلى السلطات الأمريكية بحجة أنه يحمل الجنسية الأمريكية . وموافقة التسليم جاءت استجابة للضغوط التي الولايات المتحدة الأمريكية على السلطة ، التي اعتبرت وبشكل مخزي أن المدعو عقل قد استكملت بحقه الإجراءات القانونية ، ولم تعد هناك حاجة لبقائه محتجزاً لديها ، لذلك قررت أن تنتهي القضية بتسليمه للسلطات الأمريكية .
موقف السلطة هذا من شأنه أن يشجع أخرين من فلسطينيين يحملون جنسيات أجنبية ، في الإقدام على انتقال الأراضي الفلسطينية لأيادي المستوطنين والمنظمات الصهيونية الناشطة في هذا المجال . وهنا من يعرف أو يستطيع أن يعرف فيما لو أن للمدعو " عصام عقل " شركاء داخل إدارات السلطة أو أجهزتها الأمنية يسهلون أعمال هؤلاء السماسرة في شراء أراضي مدينة القدس ، ولربما خارج المدينة . في كل الأحوال ، إن موقف السلطة ينطوي على مخاطر كبيرة وكارثية بحق القدس وسكانها المقدسيين الذين يشاهدون بأم العين ما تمارسه السلطة بخصوص مدينتهم عاصمة الشعب الفلسطيني .
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني