التنافس المشروع ... والتضليل المرفوض !!!!

بقلم: وفيق زنداح

السياق الطبيعي الوطني الاجتماعي الانساني التاريخي ان تتنافس الشعوب ... كما البشر افراد وجماعات ... قوى واحزاب ... افكار وأيدولوجيات ... ابتكارات وابداعات ... كل ذلك وغيره الكثير لأجل رقي المجتمع وتطوير ظروف حياته ... وزيادة امكانياته .. وايصاله الى مرتبة عالية من الحريات والاستقرار والامن المجتمعي والاقتصادي والسياسي .. الوصول الى مجتمع يتسيده القانون الذي ينظم العلاقات ما بين افراده ... كما ينظم العلاقات ما بين الافراد وحكوماتهم.

بالنظام والقانون يمكن للشعوب ان تتطور ... وبالفوضى ومحاولة الخداع ستكون النتائج كارثية وستكون النهاية امرا حتميا لن ينفع بعدها الندم !!!! .

التنافس صفة انسانية ملازمة لكافة المهن وبكافة الامكنة والازمنة ... ولا غبار ولا اعتراض ... على كل منافس يتنافس من اجل الوطن في اطار انظمة المجتمع وقوانينه ... وفي الاطار المنظم من خلال مؤسساته وشرعيته .

التنافس حق وواجب ويجب ان يكون لكل انسان فرصة التنافس لأجل تحقيق أهدافه كما للفصائل والاحزاب والحركات السياسية ... ولكن يجب علينا ان نفرق ما بين التنافس المشروع ..... والصراع المرفوض ... في ظل استخدام ما يخالف القيم والقوانين .. وحتى استخدام اساليب التضليل والخداع والتلاعب بالكلمات بغير موضعها ومقاصدها الحقيقية .

مسألة التنافس والصراع مسائل غاية بالاهمية والدقة والحساسية ... وما يجري محاولة خلط مضلل لخداع مكشوف ... لاجل التغطية وتمرير اهداف خاصة لا تنطبق بمفهومها ومضمونها مع حق التنافس .

عبر المراحل التاريخية لمسيرة النضال الفلسطيني كنا نعيش حالة التنافس في ظل قوى متفاوتة بامكانياتها وقاعدتها الجماهيرية ... لكن الجميع وقد اجتمع على قاعدة التحالف داخل الاطار لاجل تحرير الوطن في اطار سياسي جامع يحفظ للجميع صوته ووجوده مهما كان صغر حجمه وقلة فعله في واقع الالتزام بالمبادئ والانظمة والبرنامج المتوافق عليه .

وعندما جاءت فرصة العودة للوطن وتأسيس اول سلطة وطنية في اول تجربة فلسطينية لحكم انفسنا برغم تعقيدات المشهد وما يحيطنا ويتداخلنا من ظروف استثنائية ... اظهرنا قدرة عالية على التنظيم وبسط سيادة القانون على عكس ما خطط لنا من قبل أعداءنا .

حاولنا قدر استطاعتنا وبما يخدم واقعنا ان نتجاوز المصاعب التي تفرض علينا من قبل أعداءنا ... لكننا وللاسف الشديد فشلنا في علاقاتنا الداخلية وزادت همومنا وساءت علاقاتنا نتيجة لانقلاب حزيران 2007 والذي أظهر صورة سيئة غير متوقعة وغير مألوفة ولا تنسجم مع الاقوال والشعارات المرفوعة بجزء كبير منها .

عندما قامت حماس بانقلابها على السلطة الوطنية بعد ان فازت بأغلبية الانتخابات التشريعية واستخدامها للقوة لاجل تنفيذ ما تريد .... فقدنا الكثير من صورتنا التي يجب ايصالها ... كما فقدنا الكثير من الصوت الذي يمكن ان نخاطب به اشقاءنا واصدقاءنا والعالم بأسره ... والاخطر من ذلك اننا شكلنا ثقافة غير معهودة لاساليب مرفوضة ولتصرفات خارجة عن التقاليد والانظمة والقوانين .

لا زلنا داخل المشهد بكل مضامينه وتصرفاته التي لا ترتقي الى مستوى القضية الوطنية ومتطلباتها الملحة .... فعندما نتطلع على هذا الكم الكبير من المغالطات والاخطاء والخطايا المتتابعة ... وعندما نقف أمام هذا المشهد الذي لا يليق بنا والذي ينقلب بالسلب على اجيالنا ... ثقافتنا جتمعنا وقضيتنا ونكون امام اعداءنا منقسمين ونحن نرسل برسائل الكراهية الى بعضنا البعض ... فاننا نكون بذلك قد ضللنا الطريق ولا نمتلك القدر الضئيل من الحكمة والموضوعية والاتزان .

لقد قرأت تدوينة للسيد موسى ابو مرزوق عضو المكتب الساسي لحركة حماس يقول فيها لحركة فتح انكم عندما اختلفتم مع حماس فعلتم التالي :-

تركتم المعابر ... قطعتم الرواتب ... افقرتم غزة ... قطعتم الكهرباء ... عملتم بالتنسيق الامني .... اضعتم الضفة ... حاصرتم غزة ... قمتم بحل المجلس التشريعي ....االخ .

هذا السرد الطويل من المغالطات والتي يحاول فيها السيد ابو مرزوق ان يشير الى تحميل حركة فتح كامل المسؤولية دون ان يشير الى مسؤولية حركته فيما وصلت اليه الامور وفي هذه الاقوال المشار اليها في تصريحاته تعبر عن تضليل وخداع للرأي العام .

مسألة اخرى لا تعبر عن توجهات وحدوية ولا تدلل على نظام وقانون بل تأتي في اطار قول أي شيء واتخاذ أي قرار دون ان يستند الى الواقع والنظام والقوانين فما صدر عن كتلة حماس لا يعبر الا عن انفسهم ولا يعبر عن المجموع الوطني وابناء الشعب الفلسطيني الذين يتمسكون بشرعيتهم ورئيسهم محمود عباس وكل ما صدر يؤسف له ويجب معالجته بصورة حكيمة وليس زيادة في تعقيد المشهد وابراز الصراع عن التنافس المشروع .

قول الحقيقة في اطار التنافس المشروع مسألة طبيعية ولا غبار عليها لكن الدخول بأساليب التضليل لاجل تصدر الصراع على المنافسة المقبولة يزيد من الاحتقان والتباعد ويخلق اجواء غير مقبولة وغير مفيدة ولا تخدم أحد .

طريقنا في ظل الفرصة الاخيرة .... والقاهرة تفتح ابوابها لكل من يريد لملمة الجراح وانهاء الانقسام واتمام المصالحة على ارضية النظام والقانون والسلطة الواحدة ... وحتى لا نبقى ننشد بالشعارات التي لا يسمعها أحد ... ولا يصدقها أحد ... ولا يقبل بالتعاطي معها أحد .. انها الصحوة المطلوبة في ظل التنافس المشروع والمقبول .... وليس في ظل الصراع والتضليل المرفوض .

بقلم/ وفيق زنداح