قبل ثلاثة أيام وتحديدا في تمام الساعة الخامسة من مساء يوم الخميس العاشر من كانون الثاني لهذا العام الجديد 2019 كان الموعد مع احتفالية الحراك الشعبي الأردني بذكرى انطلاقته ، والتي كانت من ذيبان هذه البلدة الأردنية الأبية قبل ثمانية أعوام ، ومن على محيط الدوار الرابع موقع الاحتفالية انقطعت أو قُطِعت لنَكُن صادقين خدمات شبكة الانترنت عن كافة المتواجدين في هذا المحيط ، وذلك منذ الدقيقة الأولى لبدء احتفالية هذا الحراك الشعبي الذي أصبحت فعالياته موعدا ينتظره الأردنيون كالمعتاد مساء كل خميس من كل أسبوع .
للتذكير فقط هذا الانقطاع لخدمات الانترنت ليس الأول من نوعه فهو ممنهج ويحدث كل خميس ومع بدء فعاليات الحراك الشعبي الأردني ، شخصيا أتابع فعاليات هذا الحراك منذ أن انطلقت مجددا قبل نحو خمسة أسابيع ولم أجد في خطاب هذا الحراك الشعبي ما يدعو للتعتيم عليه كما يحدث للأسف ، ففي هذا الخطاب لا أجد إلا صدى لصوت الشعب الأردني بأكمله ، فالخطاب يطالب بمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين ، واسترداد مقدرات هذا الوطن التي بيعت بأبخس الأثمان ، ووقف تَغَول الحكومات المتعاقبة على لقمة عيش المواطن الأردني التي أصبحت هي الوسيلة المفضلة والسهلة لدى هذه الحكومات لسد كل عجز مالي تواجهه .
المطلب الأهم في خطاب هذا الحراك الشعبي والذي يعادل بقية المطالب مجتمعة هو تغيير النهج الذي تسير به وعليه السياسة الأردنية سواء على مستوى الشأن الداخلي أو على المستوى الخارجي والإقليمي للأردن ، هذا النهج الذي تندرج تحته الكثير من الخطايا التي أوصلت الأردن بحسب خطاب الحراك الشعبي إلى مجرد شركة لم يبق من مهامها إلا إعلان إفلاسها الاقتصادي بعد الإفلاس السياسي الذي بات واضحاً ، فالأردن وفق هذا النهج أصبح رهينة لقرارات البنك الدولي والدول الدائنة ، التي بدورها تريد السيطرة على القرار السياسي والسيادي للأردن تمهيدا للقادم الأسوأ على هذا الإقليم ، من تمرير لصفقة القرن والوطن البديل الذي سيدفع ثمنه الشعب الأردني بأكمله .
الأمر المهم جداً هنا والذي يعنيني في هذا المقام وفي إطار تغيير النهج الذي يطالب به الحراك الشعبي الأردني هو وقف تَغَول الأجهزة الأمنية على الحكومة ومؤسساتها لا بل حتى على المؤسسات التي من المفروض أنها مؤسسات مستقلة ، وهو الأمر الذي أصبح لا يخفى على أي مواطن أردني ، فلو أخذنا مثالا بسيطا يؤشر على هذا التَغَول ألا وهو انقطاع خدمات الانترنت عن موقع فعاليات الحراك في محيط الدوار الرابع مساء كل خميس ، هذا الانقطاع الذي نفت الحكومة الأردنية وعلى لسان وزير اتصالاتها إصدار أي قرار أو تعليمات للشركات المزودة لهذه الخدمات بقطعها ، وبدورها تنفي هذه الشركات أي قطع لهذه الخدمات من جانبها ، فمن المسئول إذاً عن هذا الأمر وهذا القرار! والأهم من هذا ما الرسالة التي يريد صاحب هذا الأمر إيصالها للشعب الأردني ؟
لكن يبدو أن رسالة من أمر بقطع الانترنت عن محيط الدوار الرابع أصبحت واضحة ، وهي أننا لن نسمح لصوتكم بالوصول لباقي الأردنيين في بيوتهم ولن نسمح لمطالبكم بالوصول لأصحاب القرار والحكم في هذا البلد .
وهنا أريد أوجه هذا التساؤل البسيط لصاحب هذا القرار ، ألا تدرك يا صاحب هذا القرار الساذج والمكشوف أنك بهذا الأسلوب تجعل الشعب الأردني بأكمله يبحث على شبكة الانترنت عما يحدث ويقال على الدوار الرابع كل خميس ! ، وبالتأكيد سيجد الشعب ما يبحث عنه ألا وهو مطالب هذا الحراك وبالصوت والصورة ، وشعبنا كان وما زال على مستوى من الذكاء يجعله بشاهد ويسمع ويحلل ويدرك أيضا أن مطالب هؤلاء على الرابع هي مطالب كل أردني في هذا الوطن ، وما خرج هؤلاء إلى الرابع إلا لأهداف سامية على رأسها الحفاظ عن وطنهم الذي يرونه وقد أصبح في مهب الريح .
وأضيف هنا لصاحب هذا القرار هي انك لم تفعل شيئا مؤثرا بقطع هذه الخدمة خلال هذه الفعاليات ، فأنت تعلم أن كل فعاليات الرابع ستجدها صباح اليوم التالي على شبكة الإنترنت ، فوسائل الإعلام الأردنية وغير الأردنية متواجدة وتسجل ما يحدث ، وقرارك لم ولن يأتِ بفائدة بل على العكس فأنت بهذا القرار ترسخ الصورة القاتمة عن حرية الرأي والتعبير في الأردن ، التي لطالما تشدقت حكوماتنا وما زالت بأن حرية الرأي والتعبير مصانة في الأردن ولا سقف لها ! فالواقع يشير إلى غير ذلك ويبدو أن حرية الرأي والتعبير في الأردن أصبح لها سقف هذا إن لم يكن سابقاً ، ولكن للأسف هذا السقف لا يتعدى سطح البحر الميت !!
والرسالة الأخرى التي أوجهها لكل من تأذى بهذا القطع الممنهج لهذه الخدمات وهي أن يقوموا برفع دعوى قضائية جماعية على الشركات المزودة لهذه الخدمات ، وهذا لن يكلف كثيرا إن كان جماعيا ، حتى نصل معا إلى شركات مزودة صاحبة سيادة على قرارها ولا تقبل أن يفرض عليها هذا الأمر ، وأنا سأكون على رأس من يرفع مثل هذه القضايا ، فمنذ مساء الخميس ولغاية كتابتي لهذه السطور ما زالت خدمة الانترنت مقطوعة عن هاتفي علماً بأن هذه الخدمات مدفوع ثمنها مسبقاً ولا يجوز بأي حال من الأحوال قطعها أو التحكم بها من أي جهة كانت .
بقلم/ ماجد غانم
عمان
السبت 12/1/2019
هاتف 0780019308