درس الانطلاقة

بقلم: فدوى البرغوثي

ونحن نحتفل بذكرى الانطلاقة الرابعة والخمسين ننحني إجلال وإكباراً لشهداء شعبنا العظيم ولشهداء حركتنا الرائدة، ونتوجه بتحية الاعتزاز والتقدير بهذه المناسبة لأسرانا الأبطال وهي مناسبة لتجديد العهد والقسم والتذكير بدروس الانطلاقة

– الدرس الأول: ان التاريخ يصنعه قادة عظام يتمتعون بروح المبادرة والاستعداد والتقاط اللحظة التاريخية، وتصنعه حركات ثورية وطنية مستعدة لخوض غمار الثورة، ومواجهة التحديات، وشعب جبار يرتقي بصموده وتضحياته لمستوى الأسطورة، وهذا ما فعله الشهيدان القائدان ياسر عرفات وخليل الوزير ورفاقهم في حركة فتح والحركة الوطنية وأبناء شعبنا العظيم الذين بعثوا الهوية الفلسطينية التي تعرضت للتدمير والتطهير العرقي والنكبة وبعثوها من تحت رماد النكبة وأشعلوا ثورة أعادت للفلسطينيين هويتهم ومكانتهم واعتبارهم على الخارطة السياسية الدولية والإقليمية.

- والدرس الثاني: أن الطريق لتحرير فلسطين والحرية معبدة بالتضحيات والمعاناة والعذابات وان نور الحرية توقده قوافل الشهداء وعذابات الأسرى وآلام الجرحى

- والدرس الثالث: أن المقاومة الشاملة التي تعتمد على كافة أبناء شعبنا، هي أقصر الطرق للحرية والعودة والاستقلال.

- والدرس الرابع: أن مرحلة التحرر الوطني تتطلب تغليب التناقض الرئيسي مع الاستعمار الصهيوني على أية تناقضات ثانوية، وعلى ان العلاقة بين الاستعمار والمستعّمر هي علاقة مقاومة واشتباك حتى تحقيق الحرية والعودة والاستقلال

- والدرس الخامس: أن الوحدة الوطنية بين مختلف قوى الشعب السياسية والاقتصادية والاجتماعية هي قانون الانتصار لحركات التحرر الوطني وللشعوب المقهورة وان الخلافات والتناقضات أثناء مرحلة التحرر الوطني يكون حلها بالحوار واحترام التعددية في إطار الوحدة، وان برنامج القواسم المشتركة والحد الأدنى هو الذي يؤدي للانتصار، وان الجبهة الوطنية العريضة هي الإطار المناسب، وهذا ما جسدته م.ت.ف على مدار عشرات السنوات والذي يتطلب انخراط الكل الفلسطيني في إطار وحدوي ديمقراطي نضالي مما يتطلب تطوير البيت الفلسطيني وإطاره التمثيلي م.ت.ف لمواجهة التحديات التاريخية أمامنا.

- والدرس السادس: أن قيادة حركة التحرر الوطني مكانها الطبيعي بين أبناء شعبها وعلى الجبهة، تخوض النضال وتقدم التضحيات وترفض الامتيازات، وأبناء شعبنا وقيادته قدموا روحهم وحياتهم دفاعا عن الثورة وأهدافها والعديد منهم غدوا إما شهداء تحت التراب وأما في المنافي أو في المطاردة وإما في زنازين الاحتلال والاستعمار، ومرحلة التحرر الوطني تتطلب قيادات تتقدم الصفوف وتقدم نموذجاً للتضحية والفداء، وهذا ما فعله ياسر عرفات وأبو جهاد ورفاقهم وهذا ما فعله ثابت ثابت والكرمي وعبيات وعمارين والصباغ وهذا ما فعله مروان البرغوثي ورفاقه الذين قدموا النموذج والمثال بالفداء والتضحية والقيادة في مقدمة الصفوف، والذين داسوا على الامتيازات وكانت بوصلتهم القدس وفلسطين وليس أي شيء آخر.

- والدرس السابع: أن قيادة حركة التحرر الوطني وأسراها بينهم ميثاق الشرف والقسم والعهد والنضال ولا يمكن ان تتخلى حركة تحرر عن أسراها وكوادرها وقادتها ورموزها وتتركهم فريسة لسجون الاستعمار وإدارته القمعية الإجرامية على مدار عشرات السنين، بل تعتبر حريتهم هي أول خطوة نحو حرية الشعب وشرط لا يمكن تجاوزه قبل خوض أية مفاوضات وتحترم واجباتها حيال المناضلين الذين يعيشون في زنازين العذاب والقهر.

- الدرس الثامن: أن المرأة شريك كامل في الحقوق والميدان، وهي شريك كامل في الحقوق السياسية والاقتصادية، والاجتماعية، وليس حاضرة في الخطاب فقط بل شريكة في صنع القرار والمؤسسات التمثيلية وبما يعكس حجمها وحضورها وكفاحها وتضحياتها ودورها التاريخي.

- والدرس التاسع: أن ثورية النفس الطويل في مواجهة الغزو الاستعماري وحدها كفيلة بإنجاز الحرية والعودة والاستقلال، وإن الإيمان بالشعب وقدراته وطاقاته واستعداده للتضحية يقود حتماً للإنتصار، وإن الإيمان بعدالة وقدسية ما تناضل من أجله شرطاً للإنتصار، ومن يمتلكون تفاؤل الإرادة قادرون على إنجاز الحرية والعودة والاستقلال

- والدرس العاشر: العملية الديمقراطية لحركة التحرر الوطني ليست ملهاة بل هي ضرورة لتعزيز الثقة واختيار القيادات ومكافحة الفساد ومحاسبة ومساءلة رموزه، وان سيادة القانون وحرية الرأي والتعبير والتظاهر وحرية الصحافة هو حق للشعب وقواه ولا يمّن عليهم أحد به.

مرة أخرى التحية للفتحاويين ولكل الفلسطينيين في ذكرى الانطلاقة وسنظل نهتدي بروح شهدائنا ومبادئهم وأسرانا وتضحياتهم وجرحانا ومعاناتهم وعذابات شعبنا، وستظل روح الانطلاقة ومبادئها الأولى حية فينا الى الأبد، وسنظل نكافح ونناضل من أجل فلسطين وطن الآباء والأجداد حرة عربية ديمقراطية.

بقلم/ فدوى البرغوثي