اليسار واليمين: مواقف موحدة تجاه قضيتنا

بقلم: جاك يوسف خزمو

تتجه أنظار العديد من المراقبين نحو الانتخابات التشريعية القادمة في "اسرائيل" والمقررة يوم 9 نيسان/ ابريل القادم. وهناك من يتوقع فوز رئيس حزب الليكود الحالي بنيامين نتنياهو بولاية خامسة اذا شارك في الانتخابات، ولم تقدم بحقه أي لائحة اتهام بالفساد، وبالمقابل هناك عدد من المراقبين ما زالوا يراهنون على تعزيز قوة اليسار الاسرائيلي، وبالتالي تشكيل حكومة جديدة سواء برئاسة الليكود أو برئاسة شخص آخر. واهتمام هؤلاء المراقبين بمن سيفوز في الانتخابات الاسرائيلية القادمة هو مضيعة للوقت لعدة عوامل واسباب.

لا بدّ من الاعتراف أولاً بأن اليسار الاسرائيلي الذي كان متواجدا على الساحة الاسرائيلية قبل عقود من الزمن قد اندثر، وهو غائب عن الوجود في الفترة الحالية، واعرف كثيرين مما كانوا يعتبرون انفسهم "يساريين" أو "تقدميين"، اصبحوا الآن من أصحاب الآراء اليمينية المتطرفة والمتشددة!

أما اذا نظرنا الى أحزاب الوسط في اسرائيل، فهي يمينية الموقف والتوجهات، ولا تختلف عن الاحزاب اليمينية المتزمتة، بل تتعاون معها مقابل الحصول على مناصب وحقائب وزارية، وهذه الاحزاب تظهر ثم تختفي، لان اصحاب حق الاقتراع ينتخبونها في أمل التغيير، ولكن هذا لا يحدث، فلا يتم التصويت لها مجدداً..

أما إذا أردنا أن نراهن على اليسار المتواجد الآن، فهو ضعيف جدا، وغير قادر على تحقيق أي شيء سوى القليل على الصعيد الداخلي الاسرائيلي.

كانوا يقولون في السابق أن اليسار واليمين هما وجهان لعملة واحدة، والصحيح ان الاثنين لا يختلفان عن بعضهما البعض بخصوص قضيتنا الفلسطينية. ولنأخذ مثالاً صارخاً على ذلك، فان شمعون بيرس الزعيم الاسرائيلي الراحل تولى منصب رئاسة الحكومة، وفي عهده لم يتحقق أي شيء ولم يتغير موقف حزب العمل بتاتا، فهو الحزب الذي احتل الاراضي الفلسطينية في حزيران 1967، وهو الذي ضم القدس العربية الى اسرائيل، وهو الذي بدأ بتنفيذ سياسة الاستيطان على الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة. ومثال آخر على عجز الأحزاب الاسرائيلية التي تدعي بأنها ليست يمينية وفي نفس الوقت ليست يسارية، أي أنها في خط الوسط، فان ايهود اولمرت زعيم حزب كاديما في أوائل القرن الحالي ترأس الحكومة ولم يستطع تحقيق اتفاق مع شعبنا الفلسطيني وقيادته. واذا أردنا أن نسرد مواقف مختلف الاحزاب الاسرائيلية المتصهينة فانها كلها مشتركة، فهذه الاحزاب تؤكد على امور اساسية وجوهرية تعيق تحقيق أي اتفاق مع شعبنا، واهم هذه الامور أو المواقف المشتركة:

1. رفض التنازل عن القدس كعاصمة أبدية موحدة لدولة اسرائيل.

2. رفض ازالة الاستيطان كاملاً، وسيبقى هذا الاستيطان بشكل او آخر قائماً ومستمراً!

3. لا عودة الى حدود حزيران 1967. ويجب أن يكون هناك تعديل على هذه الحدود!

4. لا تنازل عن السيادة الامنية الاسرائيلية عن غور الاردن، فهذا الغور هو الحدود الامنية لدولة اسرائيل مع الاردن.

5. لا اعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين!

وانطلاقاً مما ذكر، فان من يراهن على تغيّر في المواقف الاسرائيلية فهو بعيد كل البعد عن الواقع، فكل الاحزاب لا تريد اقامة دولة فلسطينية مستقلة، بل هناك من يرفض أيضاً منح شعبنا الفلسطيني حكماً ذاتياً.

اليسار واليمين واحد، فقبل الاهتمام بالانتخابات الاسرائيلية، على الامة العربية كلها أن تهتم بنفسها، وان تراهن وتعتمد على امكانياتها. واذا قوي العرب وفي مقدمتهم شعبنا من خلال تحقيق وحدة حال ومصير واستراتيجية وثوابت، فانه عندئذ يمكن القول ان اسرائيل قد تغيّر من مواقفها، ولكن مع هذه الاجواء والمعطيات العربية والعالمية غير المسرة، والتي هي لصالح اسرائيل، فان من سيفوز في الانتخابات القادمة سيكون أكثر عداءً لشعبنا وقضيته العادلة! وسيبقى الاحتلال مستمراً ولسنوات الى ان تتغير وتتبدل الامور والمعطيات الحالية.

بقلم/ جاك خزمو