الرئيس عباس ... ما بين المعارضة ... والتحريض الاسرائيلي !!!!

بقلم: وفيق زنداح

الحالة الفلسطينية الداخلية بخصوصيتها النادرة والاستثنائية .... وان يكون لدى رئيس الهرم السياسي معارضة داخلية ... وفي ذات الوقت تحريض اسرائيلي عنصري ارهابي تحتاج الى وقفة .

المعارضة الفلسطينية الداخلية لها تقسيماتها ... وعناوينها ... ومشاربها الفكرية والايدلوجية وهم لا يلتقون على موقف واحد ومحدد ... لكنهم يعلنون عن المعارضة بحسب الزمان والمكان ... وبحسب الموضوع او القضية التي يجب المعارضة عليها ... وهم قد يلتقون مع الحملة الاسرائيلية المحرضة على الرئيس عباس ... وبالتأكيد لم ولن يكونوا على ذات التوجهات والمقاصد والاهداف .

لكنها بالنتيجة ومن خلال الصورة والكلمة يلتقيان دون ادراك ووعي وحسابات سياسية ووطنية ... وحتى دون دراسة للتجربة التاريخية لمسيرة النضال والصراع مع هذا العدو الارهابي والعنصري .

ونحن نستمع لما يقال ... ولما ينشر عبر صفحات المواقع الاخبارية نستغرب الى حد الاستهجان .... وحتى الى درجة التساؤل المشروع .... حول كيفية ان يلتقي جزء من المعارضة في مواقف يقترب من التحريض الاسرائيلي ؟!!! .

التجربة في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات وبذات المعارضة التي نتحدث عنها ... وبذات الاسلوب والخطاب والشعارات ... وعندما رحل الرئيس عرفات بكى الجميع وشعروا انهم قد اخطأوا الحساب .... وانهم قد ظلموا الرجل في حياته واخذوا يمجدونه في مماته حتى اقرب الناس اليه ... حتى من خصومه ومن المعارضين لسياسته .

جاء الرئيس محمود عباس خلفا له وتم انتخابه بصورة ديمقراطية وكان الجزء الكبير ممن يعارضون اليوم من الاقربين والاصدقاء والذين قالوا بالرئيس عباس من الكلمات التي لا زالت محفورة بذاكرة الناس حول مدى صدقه .

أي انه يبدو ان المواقف تتخذ بحسب المصالح الشخصية وليس بحسب المواقف السياسية ومدى ارتباطها بمصالح الوطن .

مسألة المعارضة بغاية الاهمية ونحن دائما نقول اننا بحاجة الى المعارضة التي تصوب المسار ... والتي تصحح بالقدر الممكن ... والتي تشارك وتناضل من داخل المؤسسات وليس عبر الفضائيات وأثير الاذاعات ومانشتات الصحف .

أي اننا نريد معارضة ايجابية وفاعلة ... وليس معارضة عدمية ... وصوتيه وكأنها تقول نحن هنا في محاولة لتضخيم ذاتها وكأنها قوة كبرى مع انهم عكس ذلك .

أمام هذه الحالة غير المسبوقة من المعارضة التي لا تجتمع على موقف واحد بحكم اختلافاتها ومنطلقاتها المتعددة وعدم قدرتها على بلورة موقف واحد ازاء كل ما يعرض ويطرح من أراء وشعارات ... يدلل على ان المعارضة وحتى تكون ذات فائدة تحتاج الى اعادة صياغة لشعاراتها ومواقفها ... والاهم أهدافها الحقيقية من وراء المعارضة .. فهل هي معارضة لتصحيح المسار ... ام انها معارضة لاجل الحكم والسلطة ؟؟!

أما بالنسبة لدولة الاحتلال وتحريضها الدائم ... فهاذا ليس موقفا غريبا لانها تمارس ارهاب الدولة المحتلة ... والتي لم تعد قادرة على وقف تقدم وتحرك وانجازات الرئيس محمود عباس على الحلبة السياسية وليس أخرها تولي رئاسة مجموعة ال77 + الصين والتي تضم 146 دولة تعترف بالحقوق الفلسطينية وعلى رأسها دولة فلسطين .

أي ان الرئيس عباس الذي يترأس اكبر مجموعة أممية دولية تعترف بفلسطين وبأكثر من عدد الدول التي تعترف باسرائيل يعتبر انجازا سياسيا وطنيا يستحق الدعم والاسناد والتصفيق الحار من المعارضين قبل المؤيدين اذا كانت المعارضة ايجابية وتعمل باتجاه الوطن ومصالحه .

الرئيس عباس والذي يواجه المعارضة الداخلية منذ مدة طويلة ... كما واجهها الرئيس الراحل ياسر عرفات وكل ما يقوم به هو العمل من داخل المؤسسات المجلس الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية ومسؤولياته الوطنية والتاريخية ولا يلتفت كثيرا الى كل ما يقال .

الا ان المحطات عبر مسيرة النضال الفلسطيني تستوجب الحديث لايجاد صحوة وطنية وعدم الاستمرار بهذه الحالة الهزلية التي تستمر بطرح مقولاتها والتي تثبت الايام والسنين والمواقف ومجملها ... عدم صحتها وعدم الفهم الحقيقي .... وكل ما يمكن ان يقال مجرد معارضة لا تستند الى أي اساس من الحقيقة بل لها من الاهداف التي لا علاقة لها بمضمون الموقف .

الرئيس عباس والذي قال (لا) لامريكا ... كما قال (لا) لنتنياهو وهو رئيس لشعب لم يحصل على دولة كاملة ... ولشعب لا زال تحت الاحتلال ... ولشعب لا زال يتلقى المساعدات ... لكنه يستند الى قضية عادلة ... وحقوق واضحة ... وشرعية دولية تقر بكامل الحقوق .... ولانها الارادة السياسية وصدق توجهاتها ووضوحها وعدالة قضيتها والتي يتحمل مسؤولياتها وهو يدرك حجم ما يدبر وما يحيط وما يتداخل من اعاقات مصطنعة ومدبرة .

من هنا فان التحريض الاسرائيلي وليس اخره ما قاله وزير الامن الداخلي أردان حول ضرورة منع الرئيس عباس من العودة يعتبر تصريحا عنصريا ارهابيا كما انه موقف تكرر الحديث حوله لدرجة القتل والمحاصرة .

الا ان مثل هذه التصريحات العنصرية الارهابية لم ولن توقف الرئيس عباس ... كما انها لم توقف الرئيس الراحل ياسر عرفات لانها سياسة معروفة تحاول الترهيب واثارة المخاوف وهذا الوزير الاسرائيلي كما حكومته يعرفون جيدا نتائج مثل هذا القرار والذين لا يستطيعون تحمل نتائجه لاسباب عديدة سياسيا ودوليا والى درجة الخطر الامني ذات العلاقة بامكانية انهيار السلطة الوطنية وحدوث حالة من الانفلات وتحمل المسؤولية الاحتلالية للملايين من الفلسطينيين وما يمكن ان ينعكس بالسلب على الامن والوجود الاسرائيلي ... وعلى الاستيطان والمستوطنين .

أي ان التحريض الاسرائيلي ليس بالشئ الجديد لكنه يجب ان يؤخذ على محمل الجد .

اما بخصوص المعارضة الداخلية والتي لم تتبلور كقوة منظمة لاختلافاتها وتعدد مشاربها كما اصولها وايدلوجياتها وارتباطاتها وما يحكم كلا منها من اهداف وتطلعات قد تصل بهم الى حد التناقض التام وليس الوفاق حتى على ارضية المعارضة .

المعارضة الحقيقية التي نأمل برؤيتها والاعتزاز بها كما موقف جورج حبش بالمجلس الوطني التاسع عشر بالجزائر كما موقف نايف حواتمة بالعديد من المحطات كما موقف أحمد جبريل في بعض المحطات .

حصيلة المعارضة بشقيها اليساري ... وحتى اليميني الديني لم يستطيعوا عبر السنوات من ان يشكلوا أي قوة يمكن ان تحدث تغيرا بمعادلة السياسة الفلسطينية بل كانوا باغلبية مواقفهم أقرب الى العدمية وصوتا دون مضمون .. لانهم لو كانوا يمتلكون صوابية الرؤية والموقف والحسابات الصائبة ... لكان حالهم أفضل ولكان انجازهم اوضح ... وحتى لو كانت اغلبيتهم أكثر وضوحا .

هذه القوى بمجموعها ودون استثناء لاحد منا هي مخزون نضالي وشعبي ولم تتبلور وتتشكل الا عبر نضالات شعبنا وتضحياته ولا نتنازل عنها ... ولا نفرط بها ..... بل نحتاج اليها في كافة الاوقات والمحطات ... لاننا احوج ما نكون الى بعضنا البعض وان لا نبقي على حالة المعارضة بشكلها ومضمونها الحالي وحتى لا نعطي دولة الاحتلال المجال واسعا لممارسة المزيد من التحريض .

ما علينا الكثير مما يجب عمله وحتى نعيد دراسة اولوياتنا ... والتي تستند الى احتياجات الوطن ونظامه السياسي والى الشعب الفلسطيني الذي يعيش ظروفا قاسية وان لا نبقي على حالة الخيال والتنظير السياسي والذي يرجعنا الى الوراء ... ولا يقدمنا خطوة واحدة .

لان البناء يجب ان يكون على ارضية سليمة حتى لا يقع المبنى بأي حالة اهتزاز ارضي او رياح عاصفة لم تكن بحسبان احد منا .... وهذا ما يجب ان يكون ماثلا أمام أي تجمع وليس أخره التجمع الديمقراطي لقوى اليسار .

بقلم/ وفيق زنداح