لم اشا ان اعلق على قضيتين ظهرتا للراي العام مؤخرا، وهي قضيه رهف القنون ابنه محافظ سعودي التي هربت من اهلها في تايلاند وطلبت اللجوأ لكندا واعطيت اللجوأ، وقضيه الشيخه لطيفه بنت محمد بن راشد ال مكتوم امير دبي التي حاولت الهرب من اهلها في دبي لطلب اللجوأ في امريكا الا انه تم خطفها واعادتها من قبل السلطات الاماراتيه وهي في رحله الهروب على السواحل الهنديه. لان كلتا القضيتين شخصيتين والقضايا الشخصيه صعب الافتاء بهما الا بمعرفه دقيقه بحياه الشخص وليس من خلال ادعاءاته التي ممكن ان يكذب بها لتبرير تصرفه. كلتا الفتاتين من عائلتين غنيتين، مما يثير الدهشه، لماذا تهربان؟؟
مبدئيا هروب القتيات من اهلهم فضيه مرفوضه جوهرا وتفصيلا. البنت عاطفيه وقد يدفعها الخوف او القلق او حتى الضيق من اي مشكله صغيره ان تهرب من اهلها، لكنها لا تعي انها سترمي نفسها للمجهول وتخسر اهلها. لهذا لا تستطيع الفتاه حتى ان تزوج نفسها لانها لو تطلقت يجب ان تعود لاهلها وفي حاله فشل زواجها سيرفضون عودتها اليهم اذا تزوجت من غير موافقتهم. اذا هروب الفتاه من اهلها امر مرفوض جمله وتفصيلا. فما بالكم لو اقترن ذلك بالهروب من كل بلدها ومحاوله تشويه صوره بلدها للحصول على لجوأ. هنا تخسر الاهل والبلد. وهي لن تستطيع ان تعيش وحيده للابد ولن تقدم لها البلد التي لجات لها ولو واحد بالمئه مما تقدمه لها بلدها واهلها. وقد لا تمنح الا اقامه مؤقته في هذا البلد وستطالب بتوفير مصروفها وسكنها وعمل لها، فمن سيساعدها ؟؟
انا اعرف المجتمع الخليجي جيدا. مجتمع محافظ لكنه عنصري بامتياز. يقدم كل ثرواته للمواطنين، بينما يتعامل مع الجاليات الاجنبيه والعربيه كادوات للاستغلال فقط. والراتب الذي ياخذه الاجنبي بيد يتم سحبه من اليد الاخرى مصاريف سكن باهض وتعليم وعلاج بالقطاع الخاص وغرامات ومخالفات. كل شيء من تعليم وصحه وحق بالعمل يمنح للمواطن ولا يعطى اي حق للاجنبي حتى حريه الراي او الشكوى. عليه فقط ان يدفع. يعاملوا المواطنات كانهن اميرات، وتتحدث اليك المواطنه بكل عنجهيه كانها ملكه يجب ان يجاب طلبها فورا. فمما تشكو اذن رهف ولطيفه ؟؟؟
ارى ان قضيه رهف هي قضيه نفسيه بحته تندرج تحت بند دلع البنات. هي رغبه للتحرر من قيود العادات والتقاليد، تمر بها كل فتاه مراهقه تطمح بالحياه بينما تعيش في وسط محافظ لا يتيح لها ذلك. هي تريد ان تكون حره طليقه تخرج بدون حجاب وتتنزه في المكان الذي تريده وتمارس ما تشاء من دون قيود . هو تمرد على العادات والتقاليد الاسلاميه. لكنها ايضا تعكس وجود ازمه تربيه وتعليم وتوعيه في الوسط الخليجي.
اذكر عندما كنت اكمل دراستي في دوله شيوعيه وكنت اجادل فتيات شيوعيات في حرمه كفرهم بالله، وانهن يعرفون الاسلام اكثر منا ولكن لا يؤمنون بالرسول رغبه بمتع الحياه من الخمر والزنا ولحم الخنزير، وان هناك يوم حساب وجنه ونار سوف ينتظرهم بعد الممات. كن يعادونني ويتامرون ضدي لانني اخفتهم بكشف هذه الحقيقه. وهذا ما يحدث مع رهف. هي ترفض العادات الاسلاميه وتعادي من يذكرها بها لانه ضد رغباتها بالحياه.
لكن دوافع الشيخه لطيفه بنت محمد بن راشد ال مكتوم للهرب كانت مختلفه تماما. دوافعها مليئه بالبراءه والمثاليه. هي لم تتحدث حتى عن رغبتها بالهروب للزواج او التمتع بالحياه بدون قيود كرهف. اولا الشيخه لطيفه فتاه مثقفه ذكيه عاشت في الوسط الحاكم ورات كل ما لا يمكن تخيله من انواع الفساد والقمع في النظام الحاكم . وتعرضت هي واختها للقمع بدون رحمه لدرجه ان والدها حبسها في معتقل لثلاث سنوات يحرسها شرطه بعد محاوله هربها وهي صغيره. وكل هذه التجارب المرعبه دفعتها للتفكير للهروب لوسط قد يكون انظف مما عاشت به. كما ان قلقها على مصير اختها كان دافع قوي لها ان تهرب لتستطيع تحريك قضيتها والافراج عنها. وما ادل على كلامي انها قالت انها اعتزلت الناس واتخذت الكلاب اصدقاءا لانها تخشى غدر البشر واذاهم. وهذا الاحساس صادق لا ينبع الا ممن ذاق كل اشكال الغدر والاذى مع انها صغيره. لكن الشيخه لطيفه كانت ستواجه مستقبل مجهول في امريكا ايضا. ومن هنا اعتبر ان الهدف الاول لاسترجاع الشيخ محمد بن راشد ابنته هو هدف ابوي بريء حفاظا على عرضه وانقاذا لابنته من المجهول، وثانيا لانقاذ سمعته. من منا لم يتمنى ان يعيد ابو رهف ابنته عنوه. وان كنت اشك ان الشيخه لطيفه كانت ستنشر الفيديو لو استطاعت الوصول امريكا فهي كانت تفكر في الاستقلال وانقاذ اختها بطرق سلميه. وكشف اصدقاءها عن الفيديو باعتبار انه السبيل الوحيد لانقاذ حياتها بعد اختطافها.
كما ان المراه النقيه لا تتحمل ان تعيش في مكان به بقعه ملوثه. على سبيل المثال لو اسكنت مراه في جناح فاخر لكن به فار فلن تستطيع ان تعيش بالجناح الا بعد اخراج الفار منه.
الخلاصه ان الحالتين مختلفتان جوهرا وتفصيلا. وما لا يعيه الرجال ان الفتاه رقيقه يتحكم بتفكيرها القلق والخوف والرغبه في التحرر من القيود. والاصل ان لا تعامل الفتاه الا بالحسنى والتفاهم ويتم حل مشاكلها قبل ان تنفجر. وهذا ما كانت تفتقده الفتاتين
هناك اعتقاد سائد عند الرجال العرب ان الفتاه لا تتربى الا بالضرب والعقاب والقمع. لكن هذا ياتي بنتائج عكسيه تماما حيث يزيد تمرد الفتاه.
اذن حاوروا بناتكم ولبوا ما يردن بالحكمه مادام صوابا فسياسه الردع سينقلب على صاحبه عاجلا او اجلا. طبعا لا تعطوا مجالا لكيد ودلع النساء فكيد النساء قضيه اخرى خربت امم وديار. وانا شخصيا اامن ان وراء كل مصيبه كيد امراه. وما ادل على ذلك خروج ادم من الجنه بسبب اغراء حواء.
بقلم/ سهيله عمر