مشروع الانتخابات التشريعية المطروح عبر وسائل الإعلام لا يستحق النقاش والحديث، فهو مشروع منقوص طالما استثنى انتخابات الرئاسة والمجلس الوطني، وهو مشروع منقوص دون القدس، التي لن تسمح إسرائيل بأن تجري فيها انتخابات، لذلك يجب أن يكون رد غزة قوياً، يقول: لا انتخابات تشريعية دون القدس، ودون انتخابات رئاسية، وانتخابات مجلس وطني فلسطيني، فالتجديد للشرعيات يجب أن يكون متكاملاً، ودون ذلك فهو لغوصة سياسية.
رفض مشروع انتخابات مجلس تشريعي لا يكفي دون المبادرة بمشروع اعتراضي، يعتمد الدعوة إلى إجراء انتخابات مجالس محلية في كل مدن غزة، بهذه الخطوة العملية يمكن الرد على لغوصة انتخابات التشريعي، وفي تقديري أن مثل هذه الانتخابات للمجالس المحلية سيشارك فيها التيار الإصلاحي وستشارك فيها حركة الجهاد وحماس والشعبية والديمقراطية، والمستقلون، وأزعم أن هذه الانتخابات ستفرز قيادات سياسية وميدانية وجماهيرية في مدن قطاع غزة، سيكون لها الحظوة، والكلمة العليا، وستكون قادرة على مخاطبة العالم العربي والدولي.
إن المبادرة إلى الانتخابات البلدية ستحرج أعداء غزة جميعهم، وستفرض على واقع غزة معادلة سياسية جديدة، تقول بأن غزة قادرة على أن تلقي بعصا موسى السحرية، لتبتلع حيات الكهنة السياسيين، وتفرض منطقها العزيز على كل محاصر.
وحتى لا تتردد التنظيمات بالمشاركة في انتخابات مجالس محلية، ولضمان النزاهة، لا بد من التوافق على تشكيل لجنة وطنية إسلامية، تشارك فيها كل التنظيمات والقوى السياسية المؤيدة للنهج الديمقراطي، ومن مهمات هذه اللجنة الإشراف المبكر على أحوال غزة، والإعداد للانتخابات، واستقبال المراقبين الدوليين، ولهذه اللجنة الحق في محاورة الوفود الزائرة، والقيام بزيارات إلى دول الجوار، لشرح القضية الفلسطينية، ولحشد الدعم المالي للانتخابات، والبحث عن مخارج لحصار غزة، والتخفيف من معاناة أهلها.
الانتخابات الديمقراطية هي اللغة الوحيدة القادرة على كسر حالة الجمود الذي يحاصر غزة، وهي اللغة القوية التي تكسر عظم الأطراف المتآمرة على غزة، وعلى فلسطين، لأن غزة رأس حربة المقاومة، والقرار السياسي الفلسطيني القادر على إنقاذ القضية من صحراء التيه التفاوضي.
وطالما كانت غزة بحاجة إلى معبر رفح، وطالما كان أهل غزة بحاجة إلى السفر، فإن التواصل مع مصر من مهمات هذه اللجنة التي ستشرف على الانتخابات البلدية، وأزعم أن التوافق الفلسطيني على معبر رفح، يشكل بديلاً مقبولاً على مصر، التي ستقتنع بضرورة التعامل مع هذا الواقع القائم، والذي يضم مجموع القوى السياسية الفاعلة في قطاع غزة.
لقد دللت التجربة على نجاح غزة في تشكيل الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، وقد دللت التجربة على قدرة غزة على تشكيل غرفة العمليات المشتركة، فلماذا لا تحاول غزة في هذا المضمار، لماذا لا تسعى إلى كسر الحصار من خلال الانتخابات للمجالس المحلية، والتي ستشكل واجهة اجتماعية وسياسية لأهل غزة، وستكون القيادة المنتخبة ديمقراطياً قادرة على تقديم نفسها للعالم الديمقراطي بشكل متحضر، يسهم في مقارعة أعداء غزة، ومناطحة منطقهم الأعوج، الذي اعتمد منهاج التقديس للقيادة إلى أبد الآبدين.
د. فايز أبو شمالة