في الوقت الذي تستعد فيه الأحزاب الإسرائيلية بكل ألوانها , يسار ويمين ووسط , للخوض في إنتخابات مبكرة للخروج من المأزق , وتستخدم الدم الفلسطيني كغذاء أساسي لدعايتها الإنتخابية , نجد أن الأحزاب الفلسطينية تفعل العكس ومن خلال وضع العقبات أمام الإنتخابات والتي هي حق دستوري للشعب الفلسطيني , فمن الواضح أن الشعب الفلسطيني أصبح مستهلكا بإمتياز للنتاج السياسي من صناع القرار دون تررد أو إعتراض , فهو الآن أصبح الكف الذي لا يستطيع مواجهة المخرز , فبالأمس فقد آخر كرت بيده وهو حقه الدستوري والقانوني بالإنتخابات , وذلك بعدما رفضت حركة حماس الإنتخابات التشريعية بشكل مغلف , فهي رحبت فيها ولكن بشرط أن تكون عبر توافق وطني , هذا أولا , فثانيا يجب أن تكون رئاسية وتشريعية ومجلس وطني .
قد أتفق مع حماس ببند أن تكون الإنتخابات شاملة , رئاسية وتشريعية , ولكن أختلف معها بما يخص إنتخابات المجلس الوطني , فهي خارج منظمة التحرير بناء على رفضها للدخول , رغم أن مقاعدها في المجلس التشريعي "سابقا" تعتبر مقاعد في المجلس الوطني بنص القانون , فيجب أن يسبق حديثها عن إنتخابات مجلس وطني دخولها في المجلس أصلا , ومن ثم خوضها في إعادة صياغة المجلس الوطني على أسس ديمقراطية ومهنية .
أما إعتراضي الثاني على شرط حماس للإنتخابات , هو أنها وضعت الإنتخابات بقالب التوافق الوطني , بمعنى أن تكون الإنتخابات بحسب مزاج الأحزاب السياسية , وليس مطالب ومستحقات الشعب والذي هو مصدر السلطات بحسب ما ينص عليه القانون الأساسي , بالإضافة الى أن مصطلح "التوافق الوطني" هو مصطلح مطاطي وفضفاض وحمال أوجه كثيرة , فأصبحت الإنتخابات مرهونة بالتوافق الوطني , وبما أنه لا يوجد توافق وطني , فلا يوجد إنتخابات أصلا , وبناء على ذلك تصبح الإنتخابات إكذوبة على لسان الساسة .
الخروج من المأزق .
أخطأت المحكمة الدستورية عندما حلت المجلس التشريعي , ليس لأنها غير دستورية , فخبراء القانون أجمعو على دستوريتها , ولكنها أخطأت عندما وضعت قرارها في قالب قانوني بإمتياز , متناسية الواقع السياسي والإنقسام والذي جعل من هذا القرار حجر عثرة أمام الإنتخابات , فكان هناك فرصة أن توافق حماس على إنتخابات رئاسية وتشريعية في حال أعلن عنها الرئيس قبل إتخاذ خطوة حل المجلس التشريعي , وفي كل الأحوال كان سيحل عند قدوم أعضاء جدد منتخبين , بالإضافة الى أن الإعلان عن إنتخابات تشريعية دون رئاسية كان كفيل بالرفض من قبل حماس , وزد على ذلك أنه لا يوجد ثقة بينهما أصلا , كما جاء على لسان القيادي صلاح البردويل حين قال أنه يشك في مصداقية دعوة الرئيس للإنتخابات , فالخروج من المأزق يجب أن يكون بوسيط دولي يتمثل في إشراف المصريين على الإنتخابات القادمة , طالما لا يوجد ثقة بين الأحزاب الفلسطينية , ويجب أن تكون الإنتخابات شاملة , رئاسية وتشريعية وهيئات محلية .
دون ذلك لن تكون إنتخابات في فلسطين , وستبقى الديمقراطية مجرد شعار في الخطاب السياسي , وستبقى كلمة الإنتخابات إكذوبة على لسان محترفين السياسة .
بقلم/ أشرف صالح