كما يقال لا حياة لمن تنادي ...... وكأننا نعيش حوار الطرشان ...في ظل فقدان الثقة ....وتضارب الأولويات ....وحتى تناقض الاهداف والخيارات .
وكأنها عناوين لشعارات مانعة ....وأفكار مجهولة ..... لحدوث أى لقاء ايجابي أو حدوث نتائج يمكن أن تسفر عن حصاد مرحلة ..... يمكن الاستفادة منها ....وشطب مرحلة بكل ما فيها من مرارة وحسرة.
عشرات الكتاب وأصحاب الرأي والمحللين وبكافة مشاربهم الفكرية ...وانتماءاتهم السياسية ....وبكل ما لدي أغلبيتهم من مهنية عالية .... وفكر مستنير .... ورؤية ثاقبة تم اكتسابها بحكم تجارب طويلة ..... وقراءة واسعة ..... ومتابعة حثيثة ..... الا أن كافة الجهود بكل ما كتب لم يحدث أي تأثير ملحوظ وملموس في منهجية الفكر السياسي ...... والمواقف القائمة ..... والعناد المستمر ..... وكأن كل فصيل راضيا مرضيا ...... وقابلا بمخرجاته ومدخلاته ..... ومؤديا لواجباته والمطلوب منه ..... على عكس الحقيقة وملابسات الواقع .
المشهد العام يتحدث على ان القوي السياسية محكومة بمواقفها ....منطلقاتها الفكرية ....شعاراتها السياسية والجماهيرية .... ولا تقبل .... بل ترفض الاقتراب منها تحت أي سبب أو ذريعة لأنهم على قناعة ثابتة وراسخة ان ما يقال من قبل كل فصيل يمثل صلب الحقيقة ...... واطارها المقبول ...ومنطلقاتها الملزمة ..... والتي لا يجوز مخالفتها أو التناقض معها ..... وأن العمل بموجبها سيحقق العودة وحرية فلسطين ..... وأن اسرائيل المغتصبة والمحتلة ستكون الي زوال .... وليس لها من بقاء ووجود على خارطة المنطقة .
كلام كثير ....وفعل قليل ..... وقناعات لدي البعض ....وايمان لدي البعض الاخر ..... أن ما يقال شحنة معنوية..... لحقيقة غائبة ...... يتم السعي لتحقيقها وهي لا تقبل بالتأويل والتشكيك .... وأن كل ما يقال من غيرهم عبارة عن كلمات تدعو الي التفريط والتنازل والاستسلام ....وهذا على عكس الحقيقة .
فالمخالفة بالرأي بالتوجه والأهداف لا يعني بالمطلق التنازل أو الاستكانة أو القبول بما يفرضه الواقع وموازين القوي ...... لأن الحقوق التاريخية ثابتة وراسخة ..... ولا يمكن شطبها أو التنازل عنها تحت أي مبرر أو ذريعة .... وعلى هذا نلتقي ....الا أن الحقوق التاريخية والحديث عنها والمطالبة بها ..... تحتاج الي زمن طويل ..... والي تغير جذري في معادلة موازين القوي ..... والي تغير شامل بالخارطة السياسية ....ومعادلة السياسة الدولية .
الحقوق لا تتحقق ....ولا تسترد .... من خلال الشعار ..... لكنها بالامكان ان تتحقق من خلال النقاط المتراكمة والمتحققة بفعل جهد سياسي ودبلوماسي وصمود شعبي ..... وارادة شعب مصمم على حقوقه وضرورة استردادها ..... في ظل وحدة وطنية ...وتماسك داخلي لا يقبل بأي حال من الاحوال بأي نزعات انقسامية أو انفصالية .
على أى أرضية نلتقي فهل اللقاء على أرضية الحقوق التاريخية ؟؟!!
ام يكون اللقاء على أرضية الحقوق الممكنة في ظل المعادلة السياسية القائمة ؟؟!!
وكيف يمكن أن نتشارك في احداث التعبئة والتوعية الوطنية حول الحل الممكن والمقبول والذي لا يخرج عن الاطار الوطني ؟؟!!
لدينا مشكلة كبري في وسائل ايصال المعلومات ......ليس بالوسيلة ولكن بالمضمون والمحتوي..... ومهابة قول الحقيقة ..... كما الخوف من قول (لا) ..... وما يترتب عليها من نتائج .... بحكم الواقع وظروفه وتحدياته ..... في بعض الاحيان .
مشكلة كبري تتعلق بالثقافة الحزبية وتعارضها مع الامكانيات والمقومات الوطنية .... وما بين التنظير السياسي ..... وامكانيات الواقع ..... نري ونلمس التباعد وعدم التصديق في ظل معادلة سياسية داخلية .....لخارطة حزبية داخلية فيها من الوضوح الكثير والذي يجعل الجماهير تشاهد بأم أعينها الحقيقة الكاملة.
التغير بالمواقف ومنهجية الفكر السياسي مسألة طبيعية ..... في ظل ظروف ومتغيرات قائمة ..... لا تمنع من احداث متغيرات قد تصيب الأفكار ومنهجية الفكر السياسي والمواقف بالكثير من عوامل التغيير وضروراته الأنية والمستقبلية .
اذا ما تابعنا تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية منذ نشأتها سنجد أن عوامل التغير أكثر من عوامل الثبات على الموقف ....وليس هذا تراجع أو تنازل ...... بقدر عوامل الحكمة والموضوعية النابعة من الدراسة المستفيضة والتحليلية لظروف الواقع ومستجداته ....وما يحيطنا بالاقليم وعلى مستوي الساحة الدولية من متغيرات تفرض الكثير من المواقف التي يجب التعاطي معها ...... والتي يصعب رفضها في ظل حالة الضعف العام وما يجري بمعادلة المنطقة من تراجعات في ظل تحديات تزداد بمصاعبها ومخاطرها .
على سبيل المثال حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ومنذ انطلاقتها وبداية الثورة المعاصرة ..... لم تستمر كما بدأت ..... بفعل متغيرات سياسية .... داخلية واقليمية ودولية ...برغم احتفاظ فتح بثوابتها الوطنية وبمشروعها الوطني التحرري .... والذي تم تعديله في الدورة التاسع عشر بالمجلس الوطني بفعل عوامل عديدة تطلبت الكثير من المرونة والتغيير في أبجديات الحركة وميثاقها ....وهذا لا يسجل على فتح تراجعا او تنازلا .... بقدر ما يسجل لها انها بحكم القيادة والمسئولية تري ما فيه مصلحة الشعب الفلسطيني .... وضروراته النضالية ..... واستحقاقاته السياسية .... فالمتغير بالخيارات ما بين الكفاح المسلح ....والمقاومة الشعبية والنضال السياسي والدبلوماسي أحدث الكثير من الانجازات والنقاط المتراكمة التي نشهدها في الأمم المتحدة وعضوية فلسطين كدولة مراقب ..... وترأس المجموعة 77 والصين والتي تضم 134 دولة وعضوية عشرات المنظمات الدولية وافتتاح ما يزيد عن 120 سفارة وقنصلية وممثلية .... وعلاقات دولية على مستوي العالم قائمة على الاحترام والقبول بالحقوق الوطنية الفلسطينية .
وكما فتح وما أنجزت بحكم تراكم انجازاتها وقيادتها وتحركها الدائم من خلال منظمة التحرير والسلطة الوطنية ..... كان يجب على القوي الاخري أن تتعاطي مع المتغيرات الحادثة داخليا واقليميا ودوليا .... بروح الايجابية ...قائمة على الثبات وتغير الموقف بما يخدم الحالة الفلسطينية وليس بما يضر بها .
حتى كتاب الرأي والمحللين وأصحاب الرأي وقد حدث على مواقفهم وأرائهم الكثير من المتغيرات بحكم عوامل الزمن ..... ومتغيراته والظروف الداخلية والخارجية وما تم اكتسابه من خبرات مهنية ومعرفية أحدثت الكثير من التغير المقبول أحيانا .... والمرفوض أحيانا اخري .
من هنا فان مسألة التغيير وترتيب الاولويات ....وتحديث الأهداف وتصليبها ...وتعزيز مقومات الصمود والوحدة الداخلية .... وتصليب النظام السياسي بالمزيد من الديمقراطية والانتخابات واعطاء الناس حقهم بالادلاء بأصواتهم لاختيار ممثليهم مسألة ضرورية ووطنية وحق ديمقراطي ودستوري .
ما تشهده الساحة الفلسطينية من تعنت وتصلب وتمسك بالموقف والرأي .....وبالجانب الاخر ذات التعنت والتمسك دون الاكتراث والاهتمام والقراءة الموضوعية .....يجعل من الكتاب أن يكسروا اقلامهم ....وأن يغلقوا كتبهم ... وان نكون من المستمعين الصامتين غير القارئين وبطبيعة الحال غير الكاتبين .
الكاتب : وفيق زنداح