ألقى د. سمير مراد الشوابكة – رئيس ومؤسس مركز الإمام أبي عبد الله الشافعي في مقر هيئة علماء المسلمين في العراق الكائنة في العمارة رقم 250 بشارع مكة بالعاصمة عمان محاضرة عنوانها " أثر البناء النبوي في أمن الشعوب " ... وقد تناول الدكتور في محاضرته مفاصل هامة تبين أهمية البناء النبوي في الجانب التربوي ظاهره وباطنه ، وللفرد والمجتمع والدول ، مقدماً الدلائل والبراهين على ذلك من آيات بينات من القرآن الكريم ومن أقوال خير البرية المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم رسول الرحمة للبشرية جمعاء ، حيث أوضح أن هناك مفاصل أربعة في البناء وفق النهج النبوي هي:
الأول منها: بناء العقائد بكلياتها الثلاث :وحدانية الله ونبوة رسوله والبعث أي أنها تختص بإفراد الله بالعبادة والتي كان رد المشركين عليها أن رسولنا الكريم يريد توحيد الآلهة التي يعبدونها بإله واحد، وإثبات النبوة له ولأنبياء الله جميعاً وهم أي المشركون في مكة يريدون إشراكهم في ذلك والتي هي من اختصاص المولى عز وجل يهبها لمن يستحق من عباده ، وأخيراً الإيمان بالبعث بعد الموت والتي ينكرونها ويستهجنونها ، فالكليات هذه وفق الدكتور الشوابكة هي الأساس الذي ترجع إليه كل الأمور الأخرى وهي لا تقبل الاجتهاد أوالتأويل والاختلاف..
وثانيها البناء التشريعي في الهدي النبوي من حيث الاستدلال للشرع والكليات في الشريعة ، مؤكداً في هذا الصدد أن كافة الأنبياء دينهم واحد ولكن هناك اختلاف في التشريعات ، مبيناً أن التشريعات من حيث كونها أدلة كالكتاب والسنة والإجماع لا خلاف فيها، ومن أركان الدين التي تسهم في ربط المجتمعات بمنهج الله تعالى، مستدركاً القول إلى أن ما جعل المجتمع مترابطاً ومتآلفاً هو التمييز ما بين الفكرة وصاحبها، وما بين الكليات والثوابت، وما بين الأمور الفرعية التي تنبثق عنها..
وثالثها البناء الأخلاقي السلوكي موضحاً أن هناك أصولاً للأخلاق الحسنة تقوم على الصدق والأمانة مستشهداً بمدح القرآن الكريم للأخلاق وما يتعلق بها، ومن ذلك قوله تعالى: (وَإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) وأصولاً للأخلاق السيئة تقوم على الغل " الحقد " مستشهداً بقوله تعالى " ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين " ، مستدركاً القول إلى أن أزمة المجتمعات المعاصرة هي أزمة أخلاق. .
ورابعها البناء الإداري: وهو إما داخلي متعلق بنظام حقوق الإرفاق والتوازن المنهجي لدى المسلمين والانطلاق من الثوابت أي أن العلاقات التي تسود بين أفراد المجتمع الواحد تقوم على الرفق والإحسان، كحقوق الطرقات ، وحقوق البيوت ، وحقوق المعاملات والعقود، وغير ذلك مما عبر عنه الفقه الإسلامي ، أو خارجي متعلق بالتوازن في المشتركات والقيم الإنسانية ، والقواسم التي ترتبط بها الشعوب والمجتمعات والأفراد أو الجماعات أو التنظيمات أو الدول.
مستشهداً بقوله تعالى في هذا المجال : * ولقد كرمنا بني آدم * ، * وقولوا للناس حسنى * ...
وقوله صلى الله عليه وسلم " المسلم من سلم الناس من لسانه ويده ".
وفي الختام دعا الدكتور الشوابكة إلى ضرورة أن يأخذ كل شخص في المجتمع دوره في الإصلاح التنموي، وعدم الخلط بين الوظائف والتخصصات وبما يشتت الجهود ويضيع ثمراتها .
وقد أمّ المحاضرة ثلة مقتدرة من مختصين ومطلعين ومن ناشطين وطلبة علم دارسين وباحثين ، ومهتمين في شؤون القضايا التربوية، ناهيك عن العاملين في أقسام هيئة علماء المسلمين في العراق المختلفة، وأبناء الجالية العراقية في الأردن ، وقد حصلت مداخلة للدكتور مثنى حارث الضاري الأمين العام للهيئة أثنى فيها على المحاضر وثنى على ما ورد في المحاضرة من مفاصل هامة تخدم الصالح العام وبناء الأمن في المجتمعات وفق النهج النبوي.
* عبدالحميد الهمشري