الاختيار الممكن ... والاختبار !!!

بقلم: وفيق زنداح

لا نبالغ بالقول ... ان قلنا ... ان حالنا عجيب غريب ... حكومة قدمت استقالتها بعد ان نالها من الانتقادات الكثير ... وتحملت بأكثر من طاقتها من اخطاء وخطايا بالمواقف على الساحة الفلسطينية ... دون ذنب كامل عليها ... ودون مسؤولية شاملة قامت بممارستها في اجواء طبيعية ... وظروف وحدوية ما بين شقي الوطن .

الفقراء يصرخون مطالبين باحتياجاتهم ... والموظفين يحملونها المسؤولية عما وصلت اليه أحوالهم ... والخدمات والنفقات التشغيلية والتطويرية لم تسلم من الانتقادات ... وقانون الضمان الاجتماعي زاد عليها الاعباء والانتقادات .... والجيش الجرار من العاطلين عن العمل والمطالبين بحقوقهم بوظيفة عمومية ... في ظل حكومة لا تستطيع في واقع امكانيات محدودة ... وحصار مالي ووقف المساعدات والتهديد بما تبقى منها .

بمعنى ان حكومة الوفاق التي رحلت وقدمت استقالتها لم تكن محل اعجاب ... الا انها حكومة عملت بما لديها من امكانيات ... وبما يحكم واقعها من ظروف انقسامية غير طبيعية ... وفي ظل مناخ سياسي ملبد ... وواقع اقتصادي سيئ لا يلبي الحد الادنى ... وفي واقع تجاذبات ومناكفات وانتقادات لادعة ساهمت بتعكير الاجواء ... وسيبقى السؤال للتاريخ حول حكومة الحمد الله ... هل فشلت ... أم افشلت ؟!! ام الاثنين معا ؟!!! حالها حال العديد من الحكومات السابقة لها وفي هذا تفاصيل كثيرة .

ما نحن عليه اليوم ... وما نتعامل وفقه حول الاختيار الممكن بتشكيل حكومة فصائلية سياسية من اعضاء منظمة التحرير الفلسطينية ... حتى يكون لأعضاء المنظمة من دور ومسؤولية ... وان لا يبقى البعض خارجها بشعارات رافضة ... او لأسباب شعاراتية أكثر منها عملية .

من حق كل فصيل ان يقرر موقفه بخصوص المشاركة من عدمها .... لكن هذا الحق يقابله واجب ومسؤولية .... وعضوية منظمة التحرير لا تعطي الحق فقط ... بل يتطلب عليها واجبات عديدة حتى يكون الجميع ممارسا للمسؤولية ... وليس ناقضا من خارجها .

لا أحد يتحدث على ان امورنا عادية ... وان امكانياتنا كبيرة ... وان بإمكاننا ان نفعل كل ما نريد وان نطالب بكل ما يجب المطالبة به .

فنحن في ظروف احتلال جاثم على ارضنا وتمكنا من تجسيد سلطة وطنية من خلال اتفاقيات سياسية اختلفنا في الرؤية حولها .... لكننا جميعا قد استفدنا وانجزنا وحققنا الكثير بحكم واقع مختلف.

لم يعد مسموحا التهرب من المسؤولية الوطنية في ظل التحديات القائمة والقادمة فالمشاركة بالحكومة الجديدة واجب وطني ... والتخلي عن هذا الواجب قصور ومعارضة سلبية غير محسوبة بمعادلة الوطن ... وبمعادلة المحافظة على مكتسباته ومرجعياته السياسية منظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد .

الاختيار الممكن حكومة فصائلية لفصائل منظمة التحرير تتولى المسؤولية وتمهد الطريق لاجراء انتخابات ديمقراطية على طريق تشكيل حكومة وحدة وطنية على ارضية البرنامج السياسي الواحد وليس برنامجا لكل فصيل ... في اطار مشاركة الجميع بمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية .. وفق برنامجها ... واليات عملها والمحافظة على مكتسباتها ... والعمل على تطويرها وتفعيل مؤسساتها بصورة افضل ... والبناء على ما هو قائم ... وليس كما يتصور البعض من منظور الهدم ... والبناء من جديد .. فالتاريخ لا يشطب ... ولا يمكن له ان يعود الى اكثر من خمسة عقود .

فصائل منظمة التحرير وتاريخ العلاقة بينهم عبر خمسة عقود فيها الكثير من الاخطاء والتي جرى العمل على تلاشي اثارها وردود افعالها بحكمة قيادات تلك الفصائل التي حرصت على المحافظة على سلامة واستقلالية منظمة التحرير ... الا اننا نرى اليوم ... ونسمع ما يجعلنا نستغرب اقوال المتحدثين ومواقفهم .... فليس من المنطق السياسي ... والمنظور الوطني ... ومسؤوليات الواقع وتحدياته في ظل صفقة قادمة وجاري العمل عليها ... وفي ظل تحديات احتلالية تزيد من نهب الارض وتهويدها ... وفي ظل انقسام حاد وشرخ كبير أصاب الوطن والشعب والقضية ... فاذا لم يكن الوقت الحالي هو الاختبار الحقيقي للمشاركة والتلاحم وتشكيل ارادة واحدة وبرنامج واحد وجهد مشترك لمتابعة الشأن السياسي بكافة تفاصيله .. كما متابعة الشأن الاقتصادي والاجتماعي للشعب الفلسطيني وظروفه المعيشية الصعبة والتي طالت الاغلبية الساحقة .... فمتى سيتحقق ذلك ؟!!

متى ستكون المشاركة ... ومتى يمكن للفصائل التي تقول (لا) ان تقول (نعم) فلماذا لا نتوحد على ارضية حكومة فصائلية لفصائل منظمة التحرير حتى نقطع الطريق على كافة المخططات والمؤامرات المشبوهة .... وحتى نتحدث جميعا بفكر وارادة واحدة وبروح وطنية عالية ... ومسؤولية تاريخية مع اخوان لنا في التيار الاسلامي لنجتمع جميعا على ارضية الوطن ومصالحه واجندته واولوياته ... وليس عبر اجندات واولويات خارجية ... وحتى نطوي صفحة الانقسام الى الابد .

المواقف واضحة ... والمتطلبات كاشفة ... والمطلوب من كل فصيل ان يتقدم صوب الحكومة الفصائلية حكومة منظمة

بقلم/ وفيق زنداح