بهدف السخرية من التنظيمات الفلسطينية الصغيرة جداً، وعديمة الوزن والتأثير في الساحة الفلسطينية، والتي تتأبط شر المشاركة في حكومة منظمة التحرير التي تسعى السلطة إلى تشكيلها في رام الله، قلت في إحدى المنشورات ساخراً:
لماذا لا نشكل حكومة عائلات فلسطين بدلاً من حكومة فصائل منظمة التحرير، ولاسيما أن عائلة الأسطل في خان يونس تعادل خمسة تنظيمات فلسطينية تشارك في منظمة التحرير، وعائلة البرغوثي في الضفة الغربية تعادل عدة تنظيمات فلسطينية، وكذلك عائلة الشاعر وعائلة عمرو وعائلة الشكعة وعائلة الطويل وعائلة أبو دقة وعائلة السعدي وبشارات والمصري واليازجي والصوافطة ونزال والرجبي وجرار والجعبري والحسيني وحلس وقديح والنجار والقواسمه وأبو اسنينه وملحم والجرادات وغيرهم، ولا داعي لحكومة فصائل منظمة التحرير التي اعترفت بها إسرائيل ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني!!!!
وبكل تأكيد، فإن عدونا لا يتمنى لنا الخير، ولا يحب أن يرانا ديمقراطيين، نتبادل الحكم عن طريق الصندوق، ونعشق حرية الرأي، ونحرص على الكرامة الإنسانية، لذلك فإن اعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني يمثل ضربة قاضية للديمقراطية!!!!
في نهاية المنشور أضفت جملة ساخرة تقول: هذا المقترح لحكومة العائلات يسخر من التنظيمات الصغيرة جداً، والتي لا وزن لها في الشارع، وتفرض نفسها على شعبنا ممثلاً شرعياً وحيداً.
لقد تفاعل الجمهور الفلسطيني مع المنشور سلباً وإيجاباً، وقد حاول بعض الكارهين لحرية الرأي، أن ينقل المنشور دون الإشارة إلى الجملة الأخيرة، والتي تشير إلى السخرية من التنظيمات التي لم يعد لها تمثيل داخل الشارع، وهنا لا بد من الرجوع إلى التاريخ، وإلى سنة 1996، حين عقدت أول جلسة مجلس وطني فلسطيني في غزة، يومها سألت السيد سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني عن آلية تكملة التنظيمات لممثليها في المجلس الوطني، فقال أمام عدد من الحضور: بعض مسؤولي التنظيمات سجل اسم زوجته، واسم نسيبه، وبعضهم أكمل العدد بتسجيل اسم سائقه، فصار السائق عضو مجلس وطني بين جرة قلم وممحاة للسيرة النضالية.
معظم القراء فهموا المغزى من المنشور، وأخذوه على محمل السخرية كما قصدت، واتصلوا عبر الهاتف يسألون عن مكانة عائلاتهم، ودورها، وحضورها، وأنها تفوق بعددها وتأثيرها خمسة أو ست تنظيمات من التي ستشارك بحكومة منظمة التحرير.
ولكن الأهم في كل ما سبق هو ضرورة الاعتراف بدور إسرائيل في تشكيل أي حكومة فلسطينية، لأن إسرائيل التي تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية لن تعترف بأي حكومة لا تعترف بما اعترفت به منظمة التحرير، حتى ولو كانت حكومة تشكلها العائلات الفلسطينية! فدولة إسرائيل لن تقبل للمنظمة شريكاً، ولن تعترف باي قوة فلسطينية داخل الشارع خلافاً للمنظمة، ولن تعترف بنتائج أي انتخابات لا تفوز فيها المنظمة، وهذه نقطة مهمة في تاريخ التمثيل الفلسطيني، وشروط الرباعية التي فرضت عدم الاعتراف بأي جسم فلسطيني لا يعترف بمنظمة التحرير، وبكل ما وقعت عليه منظمة التحرير من اتفاقيات، وهذا في تقديري ضربة قاضية لنتائج أي انتخابات تشريعية كانت أم رئاسة، بعيدة عن قيادة منظمة التحرير.
د. فايز أبو شمالة