نميمة البلد: صكوك الوطنية... و“إحراق“ مخيم بلاطة

بقلم: جهاد حرب

(1)   صكوك الغفران مقابل الوطنية

يظن بعض المسؤولين الفلسطينيين أنهم هم وحدهم لهم الحق بتصنيف الناس بناء على حق الاهي كونهم أصحاب المشروع الوطني أو هم يمتلكون المقاومة أو هي حكر عليهم وعلى اسلوبهم. فيطلقون العنان لألسنتهم لوسم المواطنين ووصفهم عبر تصنيفات دالة على حيدهم عن الطريق التي يظن المسؤولون أنها خيار الرب الذي منحهم إياه.

فيوسمون تحركا أو حراكا أو تنظيما وحتى شخصا بانه يحمل أجندات خارجية دون تحديد معنى ذاك الوصف المحمول على تهمة التخوين. وفي إطار الصراع يصف الأشخاص بأنهم "NGOs" (منظمات غير حكومية) باعتبارها تهمة تحل اللعنة على صاحبها بالتكسب واللهاث خلف الممولين الدوليين في فهم قاصر لهؤلاء بفعل منظمات المجتمع المدني في تعويض النقص في دور الحكومة في المجال الإنساني، ومساندة الحكومة برسم السياسات وتطوير الأداء، وتعزيز الديمقراطية في الدولة من خلال تفعيل المساءلة وفتح النقاش ومراجعة الأداء بأدوات سلمية.

تتطلب استعادة الثقة بين الأطراف المختلفة في المجتمع الفلسطيني أولا اعادة النظر في إطلاق بعض الألفاظ الدالة على خطاب الكراهية اتجاه الاخرين أو الخصوم والمنافسين، وتحديد فهم أعمق للعلاقات الوطنية والمجتمعية، خاصة أن احدًا لا يمتلك ادعاء الوطنية أو الوصاية الربانية، ومن يدعون أنهم يمتلك صكوك الغفران/ الوطنية عليهم عدم تعزيز الشقاق المجتمعي ووقف خطاب التحريض. فمن منكم بلا تمويل فليرجم الأخرين بدولار. فالدول المانحة على حد قول الدكتور صائب عريقات "الدول ليست جمعيات خيرية، الدول كالأفراد عبيد لمصالحها''· وهو ينطبق على السلطة الحاكمة وعلى المنظمات غير الحكومية (مؤسسات المجتمع المدني) أي بمعنى آخر الجميع في الهم غربُ أو على قولة المثل الشعبي " لا تعايرني ولا أعايرك الهم طايلني وطايلك".

 

(2)   حريق النادي "إحراق" لمخيم بلاطة

حريق نادي مخيم بلاطة للشباب لم يدمر جدران المكان ولا تلك الكؤوس والبطولات الرياضية التي خطها الجدعان على مدار أكثر من ستين عاما، فنادي شباب مخيم بلاطة لم يكن يوما ليروي حكاية الرياضة على أهميتها واعتزاز أبناء المخيم بهذه المسيرة، بل أصاب حكاية المخيم ذاتها الذي نهض من الرماد وسطر صفحات عز لا تنتهي.

لعب نادي الشباب في مخيم بلاطة دورا محوريا في إعادة الفكرة الوطنية للاجئين في المكان من تثقيف ورعاية وتأطير للوعي الوطني للشباب على مدار ستين عاما وأكثر؛ كان النادي عنوان المخيم كما المخيم في وجدان أبنائه.

هذا الحريق، سواء كان ناجما عن فعل فاعل أو لم يكن، إحراق لمخيم بلاطة بمكوناته البشرية والإنسانية والمؤسسية والنضالية. هذا الحريق بالفعل اصابنا في عمق ذاكرتنا وفي وعينا الجمعي الذي مثله المركز ذاته.    

جهاد حرب