توغل اليأس في حياة الشعب الفلسطيني لكثرة سماع سنفونية المصالحة دون نتائج , وصحب معه حالة إستغراب شديدة من تدخل موسكو في هذا الملف مؤخراً أملاً منها إنهاء حالة الإنقسام , فهل موسكو تستطيع إنجاز ما عجزت عنه المخابرات المصرية طوال إثني عشر عاماً , أم هي مجرد ورقة سياسية تفتح الأبواب لموسكو بأن تكون لاعباً بديلاً عن الولايات المتحدة في الملف الفلسطيني .
قبل أيام رفضت المخابرات المصرية طلباً لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية للفسر الى موسكو من أجل الحوار , وذلك بذريعة أن الدعوة غير رسمية ولا تشمل رأس الهرم في الفصائل , إنما هي دعوة من مركز دراسات يتبع لوزارة الخارجية الروسية , وبرأيي أن هذا الرفض هو رسالة سياسية من مصر بهدف تقزيم دور موسكو في ملف المصالحة , ورغم أن مصر تدرك تماماً أن الأمل في تحقيق المصالحة في موسكو ضعيف , إلا أنها تخشى أن تستثمر موسكو النقاط التي توصلت إليها المخابرات المصرية للتقارب بين الفصائل وتبني عليها , ومن ثم تقوم بعملية ضغط على فتح وحماس وبالتحديد مستغلة حاجتهما إليها في ظل حالة العداء بين الولايات المتحدة وفتح وأيضا الحاجة الماسة لحماس لكل دولة كبيرة تفتح أبواب الحوار بينهما , فإذا حصلت المعجزة وتحققت المصالحة في موسكو فهذا يعني أن المخابرات المصرية فشلت في مهامها , رغم أنها الأقرب لنا من موسكو , وهذا ما تضعه المخابرات المصرية بالحسبان .
أعتقد أن رسالة موسكو واضحة وهي طرح نفسها بديلاً عن الولايات المتحدة في الملف الفلسطيني , وليس المقصودة مصر بالذات , وخوف مصر من دور موسكو والذي نتج عنه تقزيم هذا الدور ليس في مكانه لأن موسكو تستهدف الولايات المتحدة وليس مصر , ورغم أنها شوشت على دور مصر إلا أن هذا التشويش سينتهي في حال التوصل الى أي إتفاق , لأن موسكو ستعمل بالتوازي مع مصر في هذا الملف , وستكون مصر المشرفة المباشرة على تطبيق أي بند من البنود .
بغض النظر عن أهداف موسكو , فهل الفصائل الفلسطينية إستعدت للقاء موسكو فعلاً , أم هي مجرد حوارات بروتوكولية كالعادة ؟ وهل الفصائل إستثمرت ما نتج عن حوارات دامت لسنوات طويلة بخيرها وشرها لتتعلم منها في حوار موسكو؟ وهل الفصائل وضعت نقاط وبرامج محددة لتبني عليها في حوار موسكو أم أنها ستبدأ الحوار من جديد ومن ثم تضع نقاط من جديد ؟ والسؤال الأكثر أهمية هل الفصائل لا تستطيع الحوار المباشر مع بعضها البعض على أرض الوطن نتيجة العجز السياسي وعدم الخبرة أم نتيجة عدم قبول الفلسطيني للفلسطيني ؟ وأعتقد أن كلا الإجابتين خسارة للشعب ولمن يتحدث بإسم الشعب أيضاً .
برأيي أنه إذا لم تجد الفصائل الإجابة عن هذه الأسئلة فلم تكون لها قاعدة متينة تبني عليها في حوار موسكو , وكما يقولون أن مكة أدرى بشعابها , فالفلسطيني يجب أن يكون أدرى بمشاكله .
بقلم/ أشرف صالح