وصلت الفصائل الي العاصمة الروسية موسكو ...وبدعوة من أحد المراكز التابعة لوزارة الخارجية الروسية ...في محاولة لدفع عجلة المصالحة وانهاء الانقسام المستمر منذ ما يزيد عن 12 عام ....ونحن نستمر بحالة خداع النفس ..... كما خداع الأخرين..... وقتل المزيد من الوقت واضاعته ما بين عاصمة وأخري..... دون أن نحاسب أنفسنا .... ودون أن نشير بأصابع الاتهام لمن يخطىء ....ولا زال يسير على ذاك الخطأ دون ادراك ومحاسبة .....حفاظا على ما تبقي من جمال الصورة !! .
حراك شكلي ..... ومفرغ من كافة النوايا الحسنة على طريق انهاء الانقسام واتمام المصالحة وتنفيذ الاتفاقية الموقعة بشهر أكتوبر 2017 والتي وضعت كألية تنفيذية لاتفاقية 2011 الموقعة بالعاصمة المصرية القاهرة .
ندور حول أنفسنا ....ونتجادل الي حد تعميق الانقسام وزيادة شق الخلاف ...ولا يري أحد نفسه قد أخطأ التقدير والحساب..... بل الجميع لا زال يتمترس وراء الحقيقة التي يراها بأعينه وبفكره ....وكأنها الحقيقة المطلقة !!
خسارة جمعية ....وتراجع كلي .... وصفر كبير على الشمال ....ولم يستطع أن يشكل رقما صحيحا و مفيدا وقادرا على اختراق جدار هذا الانقسام الاسود الذي لا زال ينخر بجسدنا الفلسطيني ....وبعظمنا ولحمنا ....وما يشهده الميدان من فقدان الاعزاء من شبابنا وأطفالنا ونحن لا نمتلك قدرة التنظيم والترتيب والتقليل من نسبة خسائرنا البشرية وانساننا الفلسطيني والذي يعتبر أعز ما نملك ...وليس ارخص ما يقدم !!
الفصائل بالعاصمة الروسية موسكو لاجراء نقاشات ولقاءات في مركز الدراسات التابع للخارجية الروسية ....والذي سيتوج بلقاء وزير الخارجية الروسي لاف روف .
وحتي لا نستبق الأحداث.... وما يمكن أن يخرج عن هذا اللقاء و اليومين الذي ستمكث فيه الوفود بالعاصمة الروسية ...فالمواقف الفصائلية معروفة وليست مجهولة .....وكل يتحدث بطريقته وبحسب أيدولوجيته وبحسب نسبة مسئوليته ...فمن يتحمل المسئولية أقدر في معرفة الاحتياجات والاولويات .... ومن يجلس على كرسي المعارضة والتنظير السياسي بالتأكيد لن يستطيع تقدير الموقف ودفع عجلة المصالحة وانهاء الانقسام لأنه لا يتحمل أدني مسئولية مباشرة أو حتي غير مباشرة عن حال شعب بأكمله يعاني ظروف قاسية ....وأزمات كارثية .
بكل الاحوال تاريخ اللقاءات من صنعاء الي الدوحة الي مكة وبيروت .....وحتى شاطي المخيم وعشرات اللقاءات بالقاهرة ..... واليوم الي موسكو عبر القاهرة لأغلبية الوفود وقلة من دمشق وبيروت ....ومن ثم حتمية العودة للقاهرة حيث المكان والملف وبكافة التفاصيل سيكون اللقاء حاضرا وحاسما حول توجهاتهم النهائية ..... وليس كما السابق في ظل اضاعة الوقت والزمن المفتوح .
لا بديل عن القاهرة ....ولا اعتراض عن كل من يدفع بعجلة المصالحة هذا هو الموقف الوطني الصائب الذي يدفع باتجاه تحقيق وملامسة ورؤية هذا الجمع الفلسطيني موحدا وملتزما بشرعية منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني .
ما يجري في موسكو ....لقاء بدعوة مركز دراسات تابع للخارجية الروسية بما يقارب عشر فصائل فلسطينية وصلت جميعا الي العاصمة الروسية موسكو وكل يحلم باذابة الجليد وأن تكون اللقاءات ساخنة ودافئة..... وأن يخرجوا بما يدفع بعجلة المصالحة الي الامام .
موسكو عاصمة الصداقة الفلسطينية والعربية وحركات التحرر العالمية ...... ولها مصالحها بمنطقة الشرق الاوسط والتي كان ابرزها بالاونة الاخيرة بخصوص الملف السوري وما تجلي بالموقف الروسي من صلابة وثبات حسم الكثير من القضايا بخصوص هذا الملف ....كما ان الدب الروسي على اطلاع ومعرفة بأصول كافة الفصائل وأهدافها وأيدولوجيتها وتعرف جيدا ان المنطقة لا تحتمل الكثير من الصراعات والنزاعات..... بل وصلت الامور بالعديد من الملفات الي نهايتها ...كما تدرك موسكو أن هناك مشروع أمريكي يجري التخطيط له ومحاولة تنفيذه من خلال مؤتمر وارسو ...ومن خلال صفقة القرن المزمع الاعلان عنها ....كما تدرك موسكو طبيعة التحالفات التركية القطرية .... وحتى الايرانية .....وما يطغي على مصالحهم من انعكاسات سلبية على المشهد الفلسطيني .
لا نشكك بالنوايا الروسية .... بل نقدر لروسيا مواقفها الداعمة منذ زمن طويل ..... في ظل الاتحاد السوفيتي السابق .... وفي ظل جمهورية الاتحاد الروسي وهي مواقف بمجملها داعمة للحقوق العربية والفلسطينية ......الا أن الموقف من روسيا الاتحادية لا يغيب الدور المصري الشقيق .... ولا يمكن أن يكون بديلا عن هذا الدور ...... لأن مصر العربية الشقيقة هي السند والداعم الحقيقي والرئيسي للشعب الفلسطيني .....وقد تحملت الكثير من الأعباء والمسئوليات وأخذت على عاتقها وفي اطار مسئوليتها الملف الفلسطيني برمته لأجل اتمام المصالحة ... وانهاء الانقسام .....والدفع بعجلة التسوية السياسية وفق مفهوم حل الدولتين والذي كان للرئيس عبد الفتاح السيسي الدور الكبير والهام على الصعيد الدولي العربي .
ملف المصالحة الفلسطينية لم ينتقل الي العاصمة الروسية موسكو ..... لكن الفرصة المتاحة اليوم بلقاء موسكو فرصة دولية لعاصمة الصداقة الفلسطينية والعربية لاطلاع الأطراف الفلسطينية حقيقة الموقف ...وما يجري بخارطة العالم من سياسات ومشروعات تبدأ بمشروع اعادة توطين الشعوب ..... وما يجري في وارسو حول الشرق الاوسط ومخاطره .... وما يدبر بواشنطن من صفقة القرن..... وما يجري في تل أبيب من مخططات عدوانية واستيطانية .
هناك فرصة سانحة ....كما العديد من الفرص التي سنحت للفصائل الفلسطينية لإعادة حساباتها وادراك المخاطر المحدقة بها .....وبالقضية الفلسطينية وبالمشروع الوطني ......وعليها ان تجعل من اللقاء فرصة لدفع عجلة المصالحة ...... والاستفادة من نصائح الاصدقاء الروس .... ليعودوا الي القاهرة حيث الحسم والفصل والقرار النهائي .
الكاتب : وفيق زنداح