هل ادارة الرئيس دونالد ترامب معنية بنشر الديمقراطية والحرية والسلم في العالم؟ وهل هي حقاً وحقيقة تقف الى جانب الشعوب المظلومة والمقهورة؟ هل يهمها تحقيق الأمن والاستقرار في كل ارجاء العالم، أم أنها تسعى وتعمل لتحقيق فوضى "خلاقة" في العديد من الدول المستقلة والمعتمدة على ذاتها؟
تساؤلات عديدة تُطرح على الساحة الدولية بعد أن أعلن الرئيس الاميركي ترامب اعتراف ادارته بزعيم ورئيس الجمعية الوطنية، أي رئيس البرلمان، والمعروف باسم غوايدو، رئيساً شرعياً لفنزويلا. وكذلك يتساءل كثيرون هل من حق ترامب أو غيره من زعماء العالم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. والغريب أن الرئيس نيكولاس مادورو انتخبه الشعب الفنزويلي، وترامب لا يريده لانه زعيم شجاع قوي يرفض التبعية للسياسة الاميركية في القاهرة اللاتينية، ولا يريده ترامب لان فنزويلا تمتلك قرارها المستقل، ولا تقبل تدخل الآخرين في شؤونها!
يخلق الرئيس ترامب، وكذلك مؤيدوه من قادة وزعماء العالم، ظاهرة جديدة مخالفة لكل الاعراف والقوانين الدولية من خلال الاعتراف بزعيم المعارضة رئيسا لاي دولة، وخاصة اذا كان هذا الشخص موالياً لترامب ولسياسته، ولان الرئيس الشرعي المنتخب الحالي جريء ومستقل تهمه مصالح وطنه، ولا يفرط بها مهما كانت الاغراءات والضغوطات!
وحسب هذه الظاهرة الجديدة يحق نظرياً، وليس واقعياً، أن تعلن روسيا اعترافها بزعيمة مجلس النواب نانسي بيلوسي رئيسة للولايات المتحدة، أو يمكن لأي مسؤول عالمي أن يفرض أي رئيس على هذه الدولة أو تلك.
هذه الظاهرة تحوّل العالم الى فوضى كبيرة، وهذا ما تريده ادارة ترامب حتى يكون العالم بحاجة اليه، وبالتالي يبتز هذه الدول وتلك مالياً بذريعة توفير الحماية الاميركية لها.
هل تقبل أي دولة فَرْضَ رئيس عليها، وهل من حق ترامب أو قادة في العالم أن ينصبوا رئيساً هم يختارونه!
ترفض الشعوب في العالم هذه الظاهرة، وتقف ضدها لأن من يختار الرئيس هو الشعب نفسه، وان من حق أي دولة توفير الامن والامان لشعبها بعيداً عن أي صراعات وانقسامات، وبعيداً عن تطاول أي شخص على هذا الحق المقدس.
وتساؤلات أخرى تطرح الآن، وخاصة على الرئيس ترامب ومن يتحالف معه من الدول الاوروبية: لماذا لم تتدخلوا لرفع الظلم عن شعب اليمن، وتعملوا على وقف الاعتداءات المتكررة والوقحة على هذا الشعب المظلوم! وخاصة ان من يظلم هذا الشعب هم القادة المتحالفون مع ترامب ذاته! ولماذا لا يهتم ترامب واتباعه بتوفير الديمقراطية والحرية لشعوب العديد من الدول التي تحكمها "ديكتاتوريات" قاسية وطاغية على شعوبها! هل لأنها موالية للسياسة الاميركية؟
اذا كان ترامب وقادة اوروبيون مُصّرين على فرض رئيس جديد على فنزويلا يتماشى مع سياستهم، فانه من حقنا ان نقول أيضاً وعلن للملأ أن نتنياهو هو الرئيس الاميركي الحقيقي، وان يولي ادلشطاين رئيس البرلمان الاسرائيلي رئيسا لوزراء دولة اسرائيل، أي من حق شعوب العالم أيضاً أن تختار زعماء لدول أخرى اذا قام رؤساؤها بفرض زعماء وقادة عليها!
يبدو أن العالم كله، بفضل قادة ورؤساء دول كبيرة وتعتبر نفسها عظيمة، يعيش حالة من الفوضى الكبيرة البعيدة كل البعد عن الاخلاق والقيم الانسانية! وهذه الفوضى قابلة في يوم من الايام لان تطال الولايات المتحدة نفسها، فاميركا واي دولة في العالم لن تهمين والى الابد على السياسة العالمية.. فقد يأتي يوم تصبح فيه هذه الدول تعيش على الاطلال.. وخير مثال على ذلك فان الامبراطورية البريطانية حكمت العالم كله، وقيل أن الشمس لا تغيب عن اراضيها، ولكن أين هي هذه الامبراطورية وغيرها من الامبراطوريات في العالم هي الآن؟.
بقلم/ جاك يوسف خزمو