نجح بنيامين نتنياهو في الخطة التي أرادها في وارسو. ودّ ولقاءات ووحدة صوت ضد إيران. هذا هو حاله مع ممثلي الدول الخليجية الذين دشّنوا، خلال المؤتمر ، على الملأ، طوراً أكثر تقدماً من أطوار التطبيع الجاري على قدم وساق. أوصل مندوبو الممالك والإمارات رسالة واضحة مفادها أنهم مستعدون للذهاب إلى أبعد مدى في التعاون مع واشنطن وتل أبيب من أجل كسر شوكة طهران.
لكن الحقيقة التي أعادت تأكيدها فعاليات «وارسو» هي أن هذا المشروع، الذي تُشكل تصفية القضية الفلسطينية العمود الرئيس فيه، لا يفتأ يواجه عقبات على مستويات متعددة، تجعل عمليات التحشيد الأميركية المتواصلة في إطاره أقرب ما تكون إلى الظواهر الصوتية.
فهذا المؤتمر الذي يعتبر في رأيي الأخطر بعد سايكس بيكو ، يجب أن يواجه بتحرك عربي إسلامي شامل وواسع على الساحتين الإقليمية والدولية، لإبطال مفعول قراراته ومخرجاته وكل ما يصدر عنه، والعمل على عقد مؤتمر عربي إسلامي دولي في إحدى الدول العربية أو الإسلامية، يؤكد على حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وعلى حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض، وفق مبادرة السلام العربية التي تشكل الأساس لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي"
ارادت الإدارة الأمريكية توريط الدول العربية في صراعها العبثي مع إيران، عبر تكوين تحالف عربي ضد إيران، ويريد أن تتكفل دول الخليج بدفع تكلفة هذه المواجهة.
ان الرئيس الأمريكي دونالد مأزوم داخليا، ويزداد الضغط الداخلي عليه يوما بعد يوم؛ بسبب قضية التعاون مع روسيا، ويريد استغلال هذه القصة من تطبيع مع إسرائيل، وتكوين تحالف إقليمي ضد إيران؛ بهدف إرضاء اللوبي اليهودي في أمريكا، حتى يسانده في مواجهة خصومه السياسيين في الكونجرس.
فالتحالف العربي الإسرائيلي الذي يدعو له ترامب سيكون بمثابة مصيبة كبرى ستحتل على المنطقة بأكملها، أن إسرائيل لا يمكن أن تكون في يوما ما حليفا للعرب، لأنها ستطعن العرب من الظهر، حيث تعتبرهم أعداء إلى يوم الدين.
واتضحت الرؤية التي أرادت اسرائيل والادارة الأمريكية ترويجها من خلال المؤتمر المشبوه وهي صفقة القرن، بالإضافة إلى توحيد المنظومة العربية وخصوصًا الخليجية في مواجهة ما يسمى "الخطر الإيراني"، مضي أن "وارسو" يأتي في إطار الجهود الامريكية لإقامة ناتو عربي يضم بعض دول الخليج ودول عربية أخري.
ويأتي مؤتمر وارسو انقلاب على مبادرة السلام العربية وبداية عجلة التطبيع بشكل علني مع إسرائيل قبل انهاء الصراع كما أن المؤتمر دعائيًّا أكثر منه تنسيقيًّا، وهو أقرب إلى المهرجان منه إلى المؤتمر، وأغلب الحاضرين إليه لا يملكون إلا الأحلام، أو خطب ود ترامب الذي يحاول وضع برنامجاً جديداً لادارة الصراعات في الشرق الأوسط، ونحن العرب مازلنا بيادق صغيرة في اليد الامريكية
وفي ختام حديثي أثُمن علي دور القيادة الفلسطينية ممثلة بسيادة الرئيس محمود عباس لرفضها المؤتمر جملة وتفصيلا وثبات موقفهم للقضية وحقوق الشعب الفلسطيني والوفاء للشهداء والجرحى، والتمسك بالثوابت، وعلى رأسها رفض الاحتلال وعودة القدس والأراضي المحتلة للسيادة الفلسطينية والعربية والإسلامية، وعدم قبول محاولة فرض (إسرائيل) كأمر واقع في المنطقة.
بقلم/ عز أبو شنب