تحالف الجبهة والطيبي هو التعبير السليم والصحيح في الواقع السياسي السائد

بقلم: نبيل عودة

* التحالف أبرز قوة سياسية وطنية علمانية * لا أكتب دعاية انتخابية، بل اشير الى قضايا جوهرية في الحراك السياسي المطلوب بكل ما يخص الواقع العربي في إسرائيل* لندعم هذا التحالف حتى لا تضيع اصواتنا وراء أوهام مل جيلنا من تكرارها وتجديدها*

*******

مؤشرات الجولة الانتخابية القادمة اصبحت الآن أكثر وضوحا وأكثر تبلورا. الترابط بين القوى السياسية في الوسط اليهودي يشير الى تحرك إيجابي، قد يكون نسبيا، للتخلص من رئيس حكومة جعل مكانته وقيادته السياسية للدولة، اهم من مستقبلها، حسب تقييمات شخصيات ومفكرين يهود. ان أبرز ما يعبر عن فكر نتنياهو السياسي، هو دوره بإعادة الفاشية الكهانية للكنيست. لدرجة ان منظمة "ايباك" اليهودية في الولايات المتحدة والداعمة لكل السياسات الإسرائيلية بدون تردد، انتقدت بشدة هذا الدور، وقوى يهودية مختلفة أيضا ترى بذلك هدما لكل الأسس الديموقراطية التي تفتخر بها إسرائيل على دول الشرق الأوسط.

ما يعنيني في هذه الانتخابات، كمواطن عربي، هو بروز قوة سياسية وطنية علمانية، تطرح قضايا الجماهير العربية، بدون تلعثم، وبدون تصرفات شكلها وطني لكنها شكلت وتشكل مسارا لا يخدم المطالب الحقيقية والجوهرية للجماهير العربية، بطرح خال من الشعارات التهريجية.. بل بطرح حقائق مجردة حول الواقع العربي في إسرائيل الخاضع لسياسات التمييز القومي والتفرقة العنصرية، بجميع المجالات الحيوية لأي مجتمع كان. وآخرها قانون عنصري بجدارة هو قانون القومية، الذي ينفي عمليا حق من ليس يهودي في إسرائيل بالمساواة الكاملة غير المنقوصة، رغم ان السياسيات الحكومية منذ إقامة الدولة كانت سياسات تمييزية لم تحترم، ولم تنفذ حق المساواة الذي نصت عليه مثلا وثيقة الاستقلال.  مقابل الطرح العقلاني سياسيا عشنا التصرفات الصبيانية لبعض الشخصيات، التي تحولت الى تصرفات سلبية الحقت الضرر بمجمل الجماهير العربية، خاصة ما قام به عضو الكنيست السابق رائد غطاس.

لو تشكلت مرة أخرى القائمة المشتركة، لوجدت نفسي خارج هذا الاجماع الذي لم يثبت نفسه سياسيا وبرلمانيا. ان خروج التجمع وتحالفه مع الحركة الإسلامية، وضعه بالمكان الصحيح، الذي يتلاءم مع المنظر الغائب في قطر. المشتركة لم تنشأ بالصدفة، انما بدعم كبير جدا، مهد الطريق لحصول التجمع على ثلاثة مقاعد. وانا شبه متأكد ان التجمع كان سيسقط ولا يصل للكنيست اطلاقا، لولا الأصابع التي مهدت للقائمة المشتركة ليس فكريا انما بوسائل ترغيب كبيرة.

نحن اليوم امام فرز سياسي وتنظيمي اعتقد انه هام جدا وضروري جدا، بغض النظر عن عدد الأعضاء العرب الذين سيصلون للكنيست. العدد هنا ليس مقررا، الا بكونه أصواتا قد تساعد بإسقاط نتنياهو عن السلطة. لكن المشكلة ليست للجماهير العربية بالتحديد، انما للمجتمع اليهودي ولمستقبل إسرائيل كدولة شرق أوسطية، وليس كحارس امبريالي يحافظ على إبقاء العالم العربي في الحضيض الدولي .. ويرفض الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني بدولة مستقلة .. والتحرر من الاحتلال الإسرائيلي، وتحرير الشعب اليهودي أيضا من الاحتلال.

التحالف بين العربية للتغيير (الدكتور احمد طيبي) والجبهة القطرية للسلام والمساواة (أيمن عودة) هو التعبير السليم والصحيح في الظروف السائدة في المجتمع العربي في إسرائيل. الجانبان كانا دائما المعبر العقلاني عن المطالب الملحة للجماهير العربية، بدون مزايدات الحقت الضرر ولم تخدم أي هدف له قيمة. نحن هنا امام تحالف وطني علماني بدون مزايدات، وبدون شراء مقاعد بالترغيب!!

من هنا أعلن تأييدي الكامل لهذا التحالف. لا أحد ينكر دور الجبهة القطرية، رغم ان الجبهة شهدت منذ أواخر القرن الماضي تراجعات سلبية نتيجة تصرفات شخصانية اضرت بالجبهة وقوتها الانتخابية ومكانتها الفكرية والاجتماعية. هي ليست موضوعي هنا، انما اريد ان أومن ان المسار الجديد قادر على ان يستعيد قوته وشعبيته. وارى بكل ايجابية ان تحالف الجبهة والدكتور احمد طيبي هو القرار السليم والصحيح والضروري في ظروفنا الراهنة.

انا لا كتب دعاية انتخابية، بل اشير الى قضايا جوهرية في الحراك السياسي المطلوب في وقتنا الراهن بكل ما يخص الواقع العربي في إسرائيل، وواقع السلام مع الشعب الفلسطيني وسائر دول الشرق الأوسط، بإنهاء الاحتلال وتاريخه السيئ، واحداث تحول في السياسة الإسرائيلية بكل ما يتعلق بالشرق الأوسط.

لنا تجربة هامة من فترة رابين القصيرة، سياسته لإيجاد حل سلمي مع الشعب الفلسطيني، ونهجه سياسة منفتحة وإصلاح الغبن مع الأقلية العربية، رفع من مكانة إسرائيل لدى المواطنين العرب وفي الواقع الشرق أوسطي والدولي. بل ويمكن القول انه عزز أمن اسرائيل بدون المزيد من الأسلحة والصرف العسكري المدمر، وخلق بؤر توتر جديدة لإسرائيل في محيطها العربي. وبدون قانون قومية عنصري يذكر بدول عنصرية ميزت بين الأجناس البشرية وجرت الويلات على شعبها أولا وعلى مختلف الشعوب في عالمنا.

من هنا يجب تشكيل خطاب سياسي وليس خطاب تهريجي مليء بالشعارات الفارغة الا من مضمون الديباجة اللغوية. يجب ان نستوعب حقائق الواقع الذي ننشط بإطاره، ورغم سلبياته التي لا تحصى، واجبنا ومسؤوليتنا ان نطرح الحقائق ونعري الواقع بكل سواده، وبنفس الوقت ان نطرح الحلول العقلانية الممكنة، حسب دراسات عينية وليس حسب مشاعر وشعارات.

انا على ثقة ان التحالف بين الجبهة والعربية للتغيير جاء كدليل على تشخيص الواقع السياسي للجماهير العربية وطرح البدائل الضرورية، من هنا أرى أهمية كبيرة لدعم هذا التحالف. وعدم إضاعة اصواتنا وراء أوهام مل جيلنا من تكرارها وتجديدها.

إني ادعو مرشحي قائمة الجبهة والعربية للتغيير (وكل من يهمه واقع شعبه) الى دخول الانترنت والبحث عن تقرير هام باسم "بعد الأزمة" (אחרי השבר) الذي أعده أساتذة جامعيين عربا ويهودا، يتناول بدراسات مهنية موثقة، حقائق الواقع العربي في إسرائيل، من التمييز والاضطهاد القومي الممارس رسميا (الذي سبق بمراحل قانون القومية العنصري) وما تتركه تلك السياسة من واقع مؤلم على الجماهير العربية، يجعل الوسط العربي يعيش على فوهة بركان قابل للانفجار، وما يميز ذلك التقرير انه يطرح طرق لحل إشكاليات التمييز  بغياب تنفيذ حقيقي للمساواة في التطوير والرفاهية الاجتماعية لمجمل المواطنين في إسرائيل وعدم قصرها على المجتمع اليهودي فقط. تناولت مرات عديدة بعض نقاط التقرير في مقالاتي، وسأعود للتقرير مرة أخرى، ليكن هذا التقرير وثيقة لا غني عنها لنشاط نواب الكنيست العرب في الكنيست القادمة.

[email protected]

بقلم/ نبيل عودة