شاعرة وقصيدة

بقلم: شاكر فريد حسن

الشاعرة هي الأستاذة روز اليوسف شعبان من قرية طرعان الجليلية ، والقصيدة هي " صمود وحنين " ، المنشورة في صحيفة " الاتحاد " يوم الخميس الموافق( 28/ 2/ 2019) ، وتقول فيها :

صمودٌ وحنين!!

نخلةٌ  أنا

من رحم الارض تمخّضتُ

ومن شهد ترابها رضعت

يعانقني وردُ الجليل

يطبعني قبلةً

تضرّجُ الخدَّ

وتكلل بالزهر  وضّاحَ الجبين

فيرتويني الفجرُ حلما

مكحّلا بطيفٍ وحنين

زيتونةٌ انا!

يصافحني زهرُ الخليل

وينثرني كرومَ عنبٍ

تقطر شهدا

تلثم عرائشَ النخل

في سهول بيسانَ

وتحضن برفق

أغمار القمحِ

في سهل حطين

سنديانةٌ  انا

تقبّلُني سفوحُ الكرمل

وأسوارُ عكا

 والبلدُ القديم

فأحاكيها

منارة

وعزّةً

ويقينا

 حينا بعد حين!!

فلماذا تغتال احلامي؟

وتُغلِقُ دوني

عرائشَ النخل

وكرومَ العنب

وأبوابَ عكا والخليل؟؟

نخلةٌ  باسقةٌ انا!!

زيتونةٌ  عتيقةٌ!!

سنديانةٌ  راسخةٌ!!!

لا أرضخ!! لا أنحني!!

 ولا  أُقبّلُ كفَك والجبين!!

أشقّ عُبابَ البحر

وأصافح تلالَ المثلث

والجليل

أعانق الزهرَ

وأرسم بالشهد

 حقولا من الفلِّ

والياسمين!!

هذه القصيدة في غاية الرومانسية الوطنية ، فيها إحساس وطني عفوي ، وفيها رقة وعذوبة وطلاوة مميزة يطرب لها القارئ والسامع على وقع كلماتها وألفاظها الشجية . فهي تتسم بالنزعة والروح الوطنية المشحونة بعاطفة وطنية قوية تجاه الوطن والإنسان الفلسطيني . وتتجلى فيها ثنائية الوطن والمرأة ، والعزة والكرامة ، الصمود والتحدي والبقاء في الوطن ، رغم الترحيل والتهجير والقهر ونهب الارض ومصادرة الهوية .

ونستشف في القصيدة العشق الفلسطيني للوطن وأرضه وترابه وحجارته وصخوره وسهوله وزهوره ونباتاته وزيتونه وسنديانه ونخلاته ، ويبرز بشكل جلي وواضح المكان الفلسطيني ، تأكيدًا على الرسوخ والتشبث بالتاريخ الوطني لشعبنا ( الجليل ، الخليل ، حطين ، الكرمل ، أسوار عكا ، بيسان ).

روز اليوسف في كل قصيدة جديدة تتألق وتتوهج أكثر ، وترتقي بنصها ، وتكتسب خبرة وتجربة ، فهي مرهفة الحس ، رقيقة الحرف والكلمة ، شفافيتها مطلقة ، وموسيقاها حالمة ، مذهلة وناعمة في كلماتها وفكرتها ، وبأسلوبها الشعري السلس المنساب المتدفق كالشلال في موسم الشتاء والخير ، في بيانه واعجازه وايجازه وكثافته .انها شاعرة الأحاسيس الصادقة والرقة اللامتناهية ، والصور الشعرية الزاهية الخلابة .

روز اليوسف شعبان في قصيدتها " صمود وحنين " تعانق الوطن بحرارة إحساسها وعواطفها وعقلها وفكرها ووجدانها ، وتسكب كلماتها الحريرية شهدًا يروي نفس وروح الإنسان الفلسطيني المتعطش للحرية والانعتاق . وما يميزها أنها لا تتصنع ، بل تأتي نصوصها عفوية دافئة فتستقر في القلب . فلها كل الود ، وبانتظار المزيد من نبض وجدانها وروحها . ولها المستقبل الشعري الزاهر المخضر كعشب آذار ، وسنديان الكرمل ، وزيتون الجليل .

 

بقلم : شاكر فريد حسن