يرحل القائد ويبقى النهج مستمراً

بقلم: إياد الدريملى

عندما يرحل القادة تنقص الأرض من أطرافها، وتنطفئ منارة كبرى كانت ترسل إشعاعات عطائها و خيرها ونورها في ربوع الوطن.

عندما يرحل القادة تنفطر لذهابهم القلوب، لكونهم حماة الفكرة وركيزتها وصمام أمان قيمها ومبادئها التي ترتقي بها إلى مصاف النماذج الخالدة ذات الإسهامات الكبرى في حياة الشباب.

لا نرثي اليوم رجلا عاديا أو شخصا عابرا أو حتى أحد رموز الحركة الكشفية فحسب, نقف اليوم بمشاعر عميقة تشتعل فيها الحسرة والألم في موقع رثاء قائد بحجم الوطن..

قائد عمل ليل نهار في خدمة قضيته الفلسطينية عاش يحمل فكراً وقيم خالدة رسخها في أجيال متعاقبة في الحياة الكشفية والشبابية والعمل التطوعي

إنه القائد الكشفي الشاب رياض زيد واحداً من أبرز القيادات الشبابية البارزة التي أنجبتهم فلسطين الذين تمتعوا بقدرات وطاقات متميزة ارتقت بهم إلى قمة المجد وذرى العمل والتضحية والعطاء والذى يعتبر من القامات والهامات الشبابية التي ساهمت في تطوير وتقدم الحركة الكشفية في فلسطين بشكل عام, وأبرز المؤسسين لفكرة مجموعات مستقبل وطن الكشفية بشكل خاص عام 2014.

خاض أشكالاً عدة من أشكال النضال الفلسطيني بطريقته التي أبدع فيها وبأسلوبه وقدراته الخاصة والسمات والصفات القيادية التي تتمتع بها شخصيته على صعيد العمل الشبابي والكشفي والعمل التطوعي والكفاحي فهو مثال للمناضل المثابر المتسلح بالايمان والوعي.

عهدناه رجل ليس ككل الرجال، فما تركه الرجل الفذّ بين دفتي كتاب حياته الذي تتقاطر من صفحاته المضيئة كل صور العطاء والإبداع مما يضعه في المرتبة الأسمى في التميز والإبداع، والمبادرة والقيادة والمثابرة وتحمل الصعاب .

ربما لا يعرف الكثيرون عن حياته التي شكل خلالها نموذجاً للإصرار والمواجهة والتحدي في كل الميادين وفي مختلف الأوقات، أو يدركون بعضا من العناوين العريضة التي بزغت في مرحلة ما من مراحل حياة الرجل التي تختزن في صحائف أعماله كتبت بمداد المجد والفخار، على إيقاع مراحل زمنية عصفت بها التحديات.

لقد مثل القائد الكشفي رياض زيد مدرسة كشفية تطوعية شبابية كبرى متكاملة الأبعاد وموسوعة كشفية شبابية شاملة طبعت بصماتها المؤثرة في كل مكان، وتركت آثارها العميقة في حياة اجيال متعاقبة في الحركة الكشفية

تجربة القائد رياض زيد ليست كأي تجربة إنها تجربة فريدة واجهت مصاعب وعقبات لا حصر لها، وأعادت رسم وتشكيل الخريطة للعمل الشبابي والابداع وجسدت حياته كل أشكال القوة والعزم والصبر والثبات والصمود في وجه التحديات

كان يعمل ويجتهد في اكل تجاه دون كلل أو ملل وهكذا في متوالية رائعة من الإصرار العجيب الذي تفاعل بين ضلوع شخصية فريدة لا تأبه بالباطل

يؤمن بمبادئه ويعمل لاجلها كان عنوان للاصرار, فريداً في سلوكه وطباعه وقيادته الحازمة الرشيدة أثر وتأثر فيه الكثيرين من قادة مجموعات ومنتسبي مستقبل وطن الكشفية ..

لا تقتصر حياة رياض زيد على المواقف الصلبة والقدرات الكشفية التطوعية الباهرة، بل  امتلك مرونة دبلوماسية مدهشة صقلتها المحن والتجارب والخبرات التى عشها، ليشكل شخصية بديعة ذات ملامح ومكونات متكاملة تُوّجت بكاريزما ذاتية وحضور لافت لا يختلف في جدارتها وأهليتها أحد.

نشأ وترعرع في مخيم جباليا من مواليد عام 1980 بدأ مسيرته التعليمية في معسكر جباليا اكمل دراسته الثانوية في مدرسة ابو عبيدة ابن الجراح, التحق بجامعة الازهر كلية العلوم السياسية, التحق في  صفوف حركة فتح و حركة الشبيبة الفتحاوية منذ الانتفاضة الاولى نجا من عدة محاولات اغتيال كان قائدا في مجموعات كتائب شهداء الاقصى في شمال غزة، الى ان تم استهدافه بصاروخ من طائرة استطلاع في عام 2004

كان مولعاً دائماً بالعمل التطوعي والعمل الاجتماعي وصولاً للعمل الكشفي الذى اسس خلال مسيرته مجموعات الشهداء الكشفية عام 1996 كما اسس مجموعات مستقبل وطن الكشفية ابان العدوان الاخير على قطاع غزة عام 2014 واستمر في قيادة المجموعات الكشفية (مستقبل وطن الكشفية ) مع زملاءه في مجلس الشباب الفلسطيني ساحة غزة حتى اللحظة.

حصل على العديد من الجوائز والشارات الكشفية الفلسطينية و العربية, وكان رئيساً لمفوضية شمال غزة الكشفية, وعمل كرئيساً للجنة تنمية القيادات في جمعية الكشافة الفلسطينية وشغل منصب أمين سر المكتب الحركي الكشفي, حاصل على شهادة مساعد قائد تدريب دولي, شارك في العديد من المخيمات, والمؤتمرات المحلية والاقليمية والعربية وله العديد من الدارسات التي شكلت تطور كبيراً في مفاهيم العمل التطوعي والكشفي والجماعي .

"من الصعب رثاء قامة شبابية كبرى كقامة الصديق رياض زيد الذي أفنى حياته في سبيل دعم قضيته الوطنية وإعلاء شأن شعبه ، وأعطى القضية الفلسطينية الكثير الكثير"

رحل الصديق القائد رياض وغاب عن مشهد الحياة بصمت، وانطوت صفحة جسده لكن مبادئه وفكره المبثوث في نفوس قادة ومجموعات مستقبل الوطن الكشفية والمجموعات الشبابية وكوادر مجلس الشباب الفلسطيني ما زالت متأججة يافعة حاضرة سيحملون الراية من بعده ليكملوا ذات النهج و القيم والمفاهيم والمبادئ ويقودون المسير والرسالة  إلى حيث المجد والانتصار لصناعة التغير وتحقيق رسالة الشباب.

هذا عهد ... هذا وعد صديقي

نم قرير العين ابا محمود

لروحك السلام والقبول

اياد عبد الجواد الدريملى

رئيس مجلس الشباب الفلسطينى

[email protected]