(إن الفساد هو الفاحشة الكبرى الفساد لا يفلح أمة وهو مرض يجب استئصاله وبتره لأنه معد ولا يجوز السكوت عليه وعلينا أن نعالج الفساد ونمنعه لأننا لا نريد أن يكون بيننا مريض بهذا الوباء الذي يلطخ الدولة ككل ويلوثها)
"فاسدون ضد الفساد ، وأغبياء ضد الجهل، ومنحرفون ضد الرذيلة ، تلك معالم مشهد بات يتكرر بانتظام"
"تذكروا : ليست المشكلة في الفساد أو الطمع ، المشكلة هي النظام الذي يدفع دفعا لتكون فاسدا"
يعتبر الفساد آفة المجتمع، فهو آفة تتغلل في كافة مناحي الحياة اليومية، بداية من الأسرة التي تميز بين فرد واخر، وتحابي لنفر دون سواه، مرورا بالمدرسة ، وإذا ما توسعت الدائرة نرى الفساد يكبر أكثر وأكثر، ففي الشارع أشكال وألوان من الفساد، وإذا ما وصلت للشركات والدوائر الحكومية والخاصة ترى فنوناً رائدة في الفساد... فالفساد يدمر جهود التنمية ويزيد الفقراء فقراً والأثرياء ثراءاً وتنعدم العدالة الاجتماعية، فلا عدالة مع الفساد، بل ولا تنمية في ظل الفساد.
والمسيحية والاسلام ولا ننسى اخوتنا في الطائفة السامرية، ديانات وقفت جميعها ضد الفساد وحاربته بكافة أشكاله، فجاء في الوصايا العشر حسب الدين المسيحي العديد من الايات التي تحث على المبادئ والاخلاق وتحارب الفساد والسرقة والكذب، منها "لا تسرق"، وفي كتُب العهد الجديد جاء «قالوا له: يا معلِّم، ماذا نعمل؟ فقال لهم: لا تجمعوا من الضرائب أكثر ممَّا فرض لكم» (لو 3/13). وفي الاتجاه نفسه يقول للجنود: «لا تظلموا أحداً ولا تشوا بأحد، واقنعوا بأجوركم» (لو 3/14). والقران الكريم والسيرة النبوية الشريفة حفلت بالعديد من الايات التي تحارب الفساد وتدعو الى العدالة والمساواة وعدم الظلم، ومنها قوله تعالى: "ولاتبغ ِ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين) سوة القصص الاية 77.
والفساد تكثر صوره وتختلف أساليبه، فمنه الرشوة، الابتزاز، المحسوبية، المحاباة، الوساطة، الاختلاس، الأعمال الاجرامية، غسيل الأموال، تهريب الأموال، التهرب من الضرائب، الاتجار بالبشر، سرقة الاثار، تعاطي المخدرات، التزوير، والتزييف... وجميع ما ذكر يضر بالفرد أولاً، والأسرة ثانياً، والمجتع ثالثاً، يؤدي الى الحقد والضغينة، وتفاقم الكراهية، ويتنامى الظلم ما ينتج عنه مجتمع مفكك غير اّمن، فتتزايد حالات الإفقار وتراجع العدالة الاجتماعية وانعدام ظاهرة التكافؤ الاجتماعي والاقتصادي وتدني المستوى المعيشي لطبقات كثيرة في المجتمع نتيجة تركز الثروات والسلطات في أيدي فئة الأقلية التي تملك المال والسلطة على حساب فئة الأكثرية وهم عامة الشعب.
ومن هنا أتوجه بدعوة الأسر والمدارس والتي تعتبر اللبنات الأولى في التربية والتنشأة إلى تربية الأبناء والأطفال على قيم النزاهة والعدل والمساواة، وأثر الفساد على خراب وتأخر المجتمع، والعمل على تحصينهم من اّفة الفساد، كما وأتوجه بدعوتي إلى كافة شرائح المجتمع من الطالب للمدرس أو المزارع او العامل وصولاً لكافة المسؤولين من مدراء ووزراء إلى توخي معايير النزاهة والوطنية المتمثلة بالنزاهة والشفافية والمساءلة والحاكمية الرشيدة. حيث إن مكافحة الفساد مهمة إنسانية أخلاقية دينية شرعية على الجميع المشاركة فيها.
(أ.د.حنا عيسى)