نميمة البلد: في الانتظار إما أن يلد الجبل فأرا أو الانفجار

بقلم: جهاد حرب

في الانتظار على أبواب غرف الإنعاش "العناية المكثفة" ينتظر الناس سماع الاخبار؛ يتسمرون في إمكانهم مسلوبة ارادتهم الا من الدعاء لم يحبون، ينتظرون خروج أي شخص طبيبا/ة أو ممرضا/ة أو عاملا/ة من غرفة الإنعاش فيتجمعون حوله/ا متلهفين خائفين علهم يجدون معلومة أو قطعة أمل، لكنهم خاضعين لا حول ولا قوة لهم لجواب سواءً لا يفيد سلبا أو إيجابا. هذا الشعور بالعجز لا يحتمل أن تحمله الشعوب كما لا تقدر على حمل الظلم لكن الانتظار هو كذلك فيه ظلم وقلة احترام.

الانتظار سيد الموقف في البلاد وكأن الزمن يتوقف على اعتاب بيوت الفلسطينيين لا يأبهون له وبلا أهمية هكذا يظن البعض من قيادة البلاد. فلا تكليف لرئيس حكومة بعد ثمانية وثلاثين يوما على قبول استقالتها؛ تجاوز مضاعف لأحكام القانون الأساسي. ولا خطة واضحة ومعلنة للتقشف يريد الفلسطينيون رؤيتها بعد الامتناع عن قبول أموال المقاصة، بتجاهل واضح لمشاركة المواطنين صنع القرار في مواجهة سياسات الاحتلال.

 كما في الانتظار شاخت مؤسسات الدولة الفتية يَتَسَمَرُ كبار موظفيها في أماكنهم دون حراك حتى بعد تجاوزهم لسن التقاعد، وباتت تطغى الثرثرة على القرارات في ظل ذاك تصبح الاهواء والولاء والمعارف والأصدقاء هم الأولى بالحظوة دون نظر للكفاءة.  

في الانتظار لانتهاء المشاورات الفصائلية (فتح-حماس) المتعلقة بالانتخابات وطبيعتها في جولة في ظني لن تنتهي حولها "تشريعية أم تشريعية رئاسية" دون نظر لحق المواطنين في اختيار ممثليهم في المستويات المختلفة.

في الانتظار تزعزعت الثقة بين الناس وقيادتهم؛ فلم تعد هي قادرة على توفير الايمان لديهم بقدرتها على جلب الامل وليس الانتصار، فترى الناس غير آبهين بهم وتحركهم مصالحهم الفردية ويثورون لأنفسهم لا لكبسة زر القيادة كما يعتقد البعض.   

كما أن الانتظار في انهاء الانقسام لم يعد محتملا، وبات مملا في انتظار المواطنين لفرصة أمل أو ضوء في نهاية النفق بل باتوا يبحثون عن النفق ذاته بعد السنوات السوداء التي حلت بهم وبقضيتهم. فشلت الاتفاقيات وحكومة الوفاق في ظل غياب الرؤية للأطراف الفلسطينية، صحيح أن هذا المقال لا يحمل طرفا بعينه مسؤولية الفشل، لكن هذا الفشل مروع أضاع سنوات الشباب لأجيال مفعمة بالحيوية، وأسقط علو شأن الفلسطينيين، وأضعف قدرتهم على اقناع العالم، وعلى المواجهة مع الاحتلال في الجبهات المختلفة.

باتت حياة الفلسطينيين مملة في ظل الانتظار الموحش يتنظرون وينتظرون دون دليل أو مؤشر أو دال، ويفقدون الامل خاصتهم فهل محمولون على البقاء مكبلين أسرى أهواء بعض قادة البلاد ومصالحهم. وفي الانتظار إما أن يلد الجبل فأرا أو الانفجار.  

 
 

جهاد حرب