تتعاظم باضطراد مؤشرات الانتخابات الإسرائيلية أن نتنياهو سيخسرها ، لصالح معسكر غانتس - لبيد، وتعزز اتهامات نتنياهو بالفساد والرشوة وخيانة الأمانة هذا الاتجاه.
وكي نستبق الأحداث، وحتى لا تنطلي على أحد محاولات الترويج التي بدأت من الآن للادعاء بأن معسكر غانتس معتدل، ويسعى للسلام، لا بد من تذكير الجميع بحقيقة السياسة التي يمثلها هذا المعسكر، والتي لم يحاول إخفاءها بل نشرها في برنامجه.
وقبل ذلك يجب التذكير بأن ثلاثة من أربعة قادة هذا المعسكر كانوا رؤساء أركان لجيش الاحتلال وكانوا مسؤولين مباشرة عن كل العمليات والحروب التي شنها، وعن كل الجرائم التي ارتكبها جنوده.
ينص برنامج أزرق – أبيض برئاسة بني غانتس على مواقف يمينية تماما مطابقة لمواقف الليكود في كل ما يتعلق بقضية فلسطين والشعب الفلسطيني، إذ لا يرد فيه أي ذكر للدولة الفلسطينية ولا ما يسمى "بحل الدولتين"، وبالتالي فهو يرفض فكرة قيام دولة فلسطينية مستقلة.
وقد أكدت مصادر في الحزب"أنه لا توجد مشاريع لإقامة دولة فلسطينية على المدى القريب".
ويؤكد البرنامج أن المعسكر لن يقبل ولن يسمح بأي إنسحاب من القدس، وقد كرر لبيد مراراً أن معسكرهم لن يقبل بتجزئة القدس، وبالتالي فإن موقفهم لا يختلف عن موقف الليكود قيد أنملة.
ويؤكد برنامج غانتس كذلك أنه لن يسمح بأي إنسحاب من غور الأردن، ولا من الكتل الاستيطانية، ولا من هضبة الجولان المحتلة، وهذه المواقف كررها رؤساء الأركان الثلاثة غانتس ويعالون واشكنازي كما كررها لبيد.
وبدل الحديث عن إنهاء الاحتلال وإقامة دولة مستقلة يشير البرنامج إلى "مؤتمر إقليمي لإحراز تقدم للانفصال عن الفلسطينيين"، أي أنهم يريدون إبقاء الأرض بحوزتهم والانفصال عن سكانها، ربما بإحياء الأحلام الصهيونية القديمة بترحيلهم.
وفي موضوع قانون القومية اليهودية سيء الصيت والذي كرس إسرائيل كمنظومة أبارتهايد، يتحدث البرنامج عن " قيمة المساواة " دون أن يتجرأ على طرح تغيير أو إلغاء أو تعديل قانون القومية العنصري.
قد يختلف معسكر غانتس عن معسكر نتنياهو بابتعاده عن معسكر المتدينين ولكنه لا يختلف بشيء عندما يتعلق الأمر بحقوق الفلسطينيين.
وهذا ما ذكره الكاتب الإسرائيلي رفيف دروكر في مقاله بصحيفة هآرتس، حيث أكد أنه لن تحدث ثورة في عملية السلام إن فاز غانتس، كما أشار إلى أن يعالون أحد الفرسان الأربعة في معسكر غانتس هو الذي أفشل مقترح وزير الخارجية الأمريكي كيري الأمني لإنهاء الإحتلال، والذي ظن كيري أن نتنياهو وافق عليه، ليكتشف لاحقاً أن يعالون القى بمقترحاته في سلة المهملات، وهو يشير في نفس المقال الى أن يعالون أكثر يمينية من نتنياهو.
باختصار لا يجوز لأحد أن يراهن على المعسكرات الصهيونية المتناحرة في الانتخابات الإسرائيلية، فلا هي ولا غالبية الجمهور الإسرائيلي ستغير مواقفها المتطرفة والعنصرية، ما لم نغير نحن الفلسطينيين أولا ميزان القوى بيننا وبينهم.
ولذلك حديث آخر.
بقلم: د. مصطفى البرغوثي
الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية