هل يمثل الاعلام الرسمي الشعب الفلسطيني؟ هل تلفزيون فلسطين هو تلفزيون الشعب وصوته ونبضه الحي والصادق؟
في الحقيقة لقد أمعن تلفزيون فلسطين مؤخراً في تغطية أحداث لقمة العيش في قطاع غزة، وفعاليات حراك #بدنا_نعيش و #الترنس_بيجمعنا، لكن التغطية جاءت بشكل انقسامي يساهم كالعادة في تعزيز نهج الانقسام والانفصال عبر كل الوسائل من مصطلحات وصفية مقيتة لا تزيد إلا من مشاعر الكراهية، وهو أسلوب لا يمت للاعلام بصلة ولا للمصداقية والمهنية أيضاً.
إنني أؤمن أن زملائي في التلفزيون أو بعضهم يرفضون هذه المصطلحات في قراءة الخبر أو في ادارة الحوار؟ مصطلحات مثل: عصابات، ومارقة، وميليشيا والحقد الدفين... ألا تنطبق أيضاً على قمع أجهزة الأمن في الضفة للمتظاهرين والذي حدث وتكرر رداً على حرية تعبير؟ أليس هذا قمعاً وحقداً؟ فإذا كانت حماس في غزة حركة "انقلابية" فماذا عن القيادة الشرعية وقمعها في الضفة!! كونوا على ثقة أن هذه المقارنة سببها هذا الخطاب المنحاز ألف بالمئة!!
والغريب أن تلفزيون فلسطين يثير زوبعة رداً على إعلام حماس وعلى الاعلام الاسرائيلي –مع المفارقة بينهما- حين يطلقون حملة ضد القيادة الفلسطينية "الحكيمة" في الضفة، في حين يقومون بالحملة ذاتها ضد حركة حماس لكنها في الحقيقة ضد المواطن الفلسطيني في غزة، المواطن المظلوم من حركتي حماس وفتح، نعم فكلاهما يتحملان مسؤولية متفاوتة فيما يحدث في غزة من وضع انساني مؤلم، ووضع اقتصادي متردي، ووضع سياسي يشكل خطراً لا يستهان به لاسيما فيما يتعلق بغزة ككيان منفصل إلى الأبد ربما؟ وهو ما نرفضه.
هل تريدون تحويل الصراع مرة أخرى إلى صراع بين فتح وحماس؟ ومن قال لكم يا تلفزيون فلسطين أن الحراك في غزة يهدف إلى: "رحيل الانقلابيين والعيش بحياة كريمة" واذا كان هذا هو الهدف النهائي –فرضياً- أين الذكاء في طرحه في هذه المرحلة واخوتنا وأصدقائنا يُضربون بالهراوات بلا رأفة بطفل أو امرأة أو مسن ويتعرضون للخطف ولانتهاك حرمات بيوتهم من حركة المقاومة الاسلامية التي ترفع شعار الدين والمقاومة؟ أين الذكاء في هذا الطرح الذي لن يدعم حتى الرغبة في دفع اهل غزة للانقلاب على حماس واستعادة غزة؟ بل سيزيد من حقد وبأس حماس وكراهيتها للحراك ومزيداً من الضرب والتكسير لأهلنا في غزة. بل إن خطاب تلفزيون فلسطين يدعونا للتساؤل: هل يعتقد التلفزيون أن رجال الأمن التابعين لقيادة الضفة يقفون عند حدود غزة لاستلامها فور استسلام حماس؟؟؟
نعم لقد استطاع تلفزيون فلسطين، خلال السنوات السابقة تطوير الكادر وتطوير الجانب التقني بشكل لافت لديه، والتغطية الميدانية في عدة مناطق ولأحداث كثيرة، والتي نرى أنها واجب، لكن هناك مشكلة حقيقية في إدارة خطاب اعلامي واعي، ليس المطلوب أن يكون موضوعياً كونه تلفزيون رسمي، لكن مطلوب شيء من الحكمة والذكاء بما يخدم الوطن والمواطن، ناهيك عن النقد المتداول بين الاعلاميين اتجاه الاعلام الرسمي والذي يبرز في مختلف الفعاليات والمحافل المحلية، نعم هناك عدة وجهات نظر تجاه آداء الاعلام الرسمي، أعتقد أنها بحاجة لأذن صاغية من هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية.
في الحقيقة لا نريد متابعة تغطية "حراك سلمي" بطريقة غير سلمية اطلاقاً، لا نفضل متابعة أحداث غزة عبر "شاشة الوطن".. بل عبر الشاشات الصغيرة؛ أي العيون الصادقة للأصدقاء في غزة والذين نتواصل معهم وعبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ونتابع بقلق رسائلهم لنا وهم يناشدون عدم تحويل أهداف الحراك المعيشية إلى دعوة لرحيل حماس!!
إنني أدعو بشكل صريح وواضح تلفزيون فلسطين وقيادتنا الفلسطينية وحركة فتح: أتركوا أهل غزة في معركتهم من أجل لقمة العيش، تحدثوا عن أوجاعهم والظلم الذي يعيشونه وارتفاع الضرائب وغلاء الأسعار، دعوا خطاب الكراهية جانباً.. ولا يسعني في النهاية إلا أن أشكركم جميعاً لأنكم بآدائكم هذا تذكروننا بالقمع في الضفة، وبسياسة قطع الرواتب عن أهلنا في غزة... علماً أن حياتنا في الضفة ليست في أحسن حال!!!!
هذه هي تغطية تلفزيون فلسطين والتي أطلق عليها: تغطية المُضحِك المُبكي!!!
بقلم/ بثينة حمدان