مصيبتنا في فلسطين في الجهل المطبق على الكثير من النخب والقيادات .. بالأمس اصدرت الفصائل الفلسطينية في غزة بيان حددت فيه موقفها من الحراك الشعبى وسبل الحل .. الغريب انها ركزت بصوره ملفته للنظر على موضوعات اقتصادية مثل وقف تصدير الخضروات والتخفيف من الضرائب .. وفي النهاية طالبت مصر بالاستمرار بمساعى المصالحه
واليوم قرأت في بعض الصفحات اقتراحات لمن يسمون انفسهم خبراء اقتصاد، تدور تصوراتهم للحل حول أمور اقتصادية كوقف تصدير الخضروات وتخفيض أسعار المحروقات والخبز ووقف استيراد الملابس وكاوتشوك السيارات .. الخ وهى كلها أمور لن تحل المشكله وليس لها علاقه بالازمه الحاصله في غزة ..
ازمة غزة في الأساس ازمه سياسية وصراع على السلطه بين طرفين كانت له تبعات اقتصادية ومعيشية ثقيله على السكان .. بما رافقها من حصار كامل وتدمير للبنى التحتية والفوقية وقطع رواتب الناس وانتشار البطاله .. ولذا فان الحل لن يكون الا سياسي اى بانهاء الانقسام
ان اقتراحات الحل المطروحه ولو فرض وعمل بها سيكون لها اثار كارثية على القضية الفلسطينية .. لانها ستكرس لحكم حماس وستعزز الانقسام .. مما سيؤدي لولادة دولة غزة التي يخطط لها.. نعم مطالب الناس والحراك ذات طابع اقتصادي .. ولكن حلها لا يكون الا سياسي بالوحدة وانهاء الانقسام .. اذا انتهى الانقسام كل الامور ستحل .. سيزول الحصار وسيتم توظيف اعداد كبيره من العاطلين وسيزيد الاستثمار .. الخ
انا استغرب ان تصدر مثل هذه الاقتراحات عن نخب ورجال اقتصاد .. يعرفون ان غزة والضفه عايشين على التسول .. لا يوجد اقتصاد او مصادر دخل تسطيع ان تغطى المصاريف الهائلة لجيوش جراره من الشرطة والامن ورجال المقاومه والموظفين المدنيين .. ولو استطاعت تغطية مصاريف هؤلاء فمن سيغطى مصاريف 60% من العاطلين عن العمل..
من اين سنحضر العمله الصعبه اذا اوقفنا التصدير .. وهل لدينا شئ نصدره غير الخضروات وبكميات لا تكفى لتغطيه شراء الموبيلات .. تخفيض الطحين والسولار وغيره هل سيحل ازمة البطاله (اكثر من 60%) .. كما ان الغاء الرسوم عن الخدمات الصحيه المتردية اصلا .. هل سيمكننا من توفير الادويه وغيره .. وهل لدى الحكومه فائض لتحمل مثل هذه الأعباء.
ان طرح مثل هذه الحلول والاقتراحات التى تضع التسول والشحدة بندا أساسيا في تمويل الميزانية لن يحل المشكله.. فالمانحين لهم شروطهم و لا يوجد لدينا اى مصدر لتغطية هذا العجز وتلبية احتياجات العاطلين عن العمل .. للاسف نحن شعب يتلذذ على التسول الذى اصبح جزء اساسي في دمنا وكأنه حق ورثناه يجب ان يدفعه الآخرون لنا تحت كل الظروف.. للأسف يجب ان نخجل كقيادات ونخب وشعب من حالنا.. وان نعرف حجمنا وامكانياتنا .. ونكف عن المزايده على الآخرين .. يجب ان ندرك حقيقة واقعنا واننا لولا المساعدات الخارجيه لحلت بنا المجاعه منذ سنين طويله ..
ان شغل الدروشه والشعوده والدجل الذى يمارسه من يسمون انفسهم بالخبراء والنخب والقيادات هو سبب كل مصائبنا .. يتحدثون عن حلول ومبادرات وإجراءات وانجازات وانتصارات وكأننا دوله عظمى .. وينسون انهم لا زالوا جميعا بلا استثناء رهائن للمحتل واوامره .. الذى يمنع ويسمح ويمرر ويحبس .. الخ
اخجلوا من أنفسكم .. وتوحدوا .. والا فالخزى والعار سيدمغكم الى يوم الدين
بقلم يوسف العاصي الطويل
عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين