يبدو ان الايام ستكون فاصلة فيما يشهده القطاع من حراك شعبي انساني وطني ... يطالب بالحياة الانسانية والكرامة الادمية وتحسين مجمل الظروف المعيشية والتي يمكن ان يقال عنها انها تشكل سببا اساسيا وجوهريا ودافعا حقيقيا للمشاركة بالحكومة الجديدة ... وليس الرفض لها ... او اعاقة عملها .
لاسباب سياسية اقتصادية اجتماعية ... وفي ظل العجز الفصائلي المنفرد عن تلبية احتياجات الناس والتخفيف عنهم وعلى مدار 12 عام ... لا زال الناس في غزة يعانون من ازماتهم ومشاكلهم الطاحنة ... وما يقوله العامة من الناس بأنهم لا يحتاجون الى لقاءات وندوات ومؤتمرات والمزيد من الشعارات ... بقدر حاجتهم الملحة الى الوحدة والتكاتف والترابط من اجل العمل المشترك لانقاذ ما تبقى بعد طول سنوات ... كانت بمثابة تجربة بائسة يائسة لا نتائج منها الا المزيد من الفقر والجوع والمرض وتدني مستوى المعيشة والخدمات .
الناس ببساطة شديدة يحتاجون الى متطلبات الحياة الادمية والكرامة الانسانية والحرية باعلى درجاتها ... والتحرك من والى القطاع بحرية تامة .. الناس بحاجة الى معالجة ازماتهم الاقتصادية الاجتماعية والخدماتية ... كما حاجتهم الى معالجة امراضهم الصحية والنفسية .
لا يريدوا الناس ان يشعروا بانهم بسجن كبير ولا يريدوا ان يعيشوا ويستمروا على ظروف القحط والحرمان وعدم القدرة على تلبية ابسط الاحتياجات والخدمات .... لا يريدون ان يروا ابناءهم عاطلين عن العمل بعد ان استثمروا ما لديهم وبأكثر مما يمتلكون لاجل تعليمهم .
الفصائل التي اتخذت من المواقف المعارضة بعدم المشاركة بالحكومة الجديدة ... ربما لديها فرصة متاحة لقراءة المشهد من جديد ... والتغاضي عن نظرتها الضيقة ... ومواقفها الاحادية ... ودراسة ما حدث من تغيرات لاحداث تغير لاسباب الرفض السابق ... وما حدث من متغيرات لرؤية واضحة قد يستكشف من خلالها ان الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور محمد اشتية لديها برنامجا متكاملا ... ورؤية شاملة لمعالجة كافة الملفات والازمات ... وعلى اعتبار ان الحكومة الفلسطينية الجديدة ستبقى حكومة الكل الوطني الفلسطيني ... أي انها حكومة الجميع والذي يجب ان يشارك بها الجميع ... في صياغة الرؤية الحكومية لمعالجة الازمات القائمة ... وما يجب ان يكون عليه البرنامج الحكومي وبما يخدم الملفين السياسي والاقتصادي في اطار الملف المجتمعي وكيفية الخروج من الازمة الداخلية وعلى رأسها الانقسام ... ما كان عليه كتاب التكليف من وضوح وطني ورؤية حقيقية لاولويات وطنية يجب المشاركة من اجل تحقيقها .
المشاركة بالحكومة الجديدة يعتبر امرا ضروريا ووطنيا ... ولا يعقل الاستمرار باتخاذ المواقف السلبية .... وكأنها مواقف صحيحة وذات مغزى وابعاد سياسية ... وبالحقيقة انها مواقف خاطئة ومقلوبة .... ولا ترى برؤية شاملة حقيقة المشهد الذي يتطلب رؤية احوال الناس واحتياجاتهم الحكومية .
لا يوجد لدينا المزيد من الوقت ... ولا يوجد لدينا مبررا واحدا بعدم القبول بالمشاركة ... ولا يوجد لدينا سببا واحدا يمكن ان يقنع أي مواطن فلسطيني ... ان المواقف الرافضة بالمشاركة يمكن ان تخدم الناس وتخفف من اعباء حياتهم ... وتعالج ازماتهم .
اسبوع مضى من المدة القانونية المسموح بها لاستكمال التشكيل الحكومي ... وما تبقى اسبوعين وقد يمنح رئيس الحكومة المكلف اسبوعا اخر لاستكمال التشكيل الوزاري .... أي اننا امام ايام معدودة تعتبر فاصلة وحاسمة وتتطلب الدراسة المتأنية والسريعة لاحداث مواقف جديدة بعد ان وجدنا انفسنا امام واقع وصوت الناس وما حدث من قلة حيلة ... وعدم القدرة على الاستجابة لمطالبهم .... في ظل غياب الادوات والقدرة الاقتصادية والمالية لمعالجة متطلبات حياة الناس ... ما حدث على صعيد فصائلي من يقظة بعد غفلة ... وبعد نوم طويل ... وما بعد شعارات طويلة وكبيرة حاولوا اقناع انفسهم واقناع الناس بها ... لكنها كانت بحقيقتها مجرد كلمات يتسترون ورائها ولا يجدون الحلول الملائمة لمشاكل الناس .
استمعنا الى الكثير من مسميات الحكومة التي يطالبون بها مرة حكومة وحدة وطنية ومرة اخرى حكومة ائتلاف ... ومرة اخرى حكومة لا نعرف مسماها لكنها تأتي في اطار العوائق والموانع لعدم استكمال حياتنا السياسية وادواتنا الخدماتية ومعالجة ازماتنا التي تزداد علينا .
مهما كان مسمى الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور محمد اشتية فانها حكومة فلسطينية وطنية بحسب الدستور والقوانين الوطنية ... حكومة الكل الوطني والتي تحتاج الى مشاركة الجميع لزيادة قدراتها وامكانياتها ... حكومة يترأسها رجل واضح وصريح ويعمل بروح الكل الوطني على اعتبار ان هذه الحكومة حكومة الجميع ... وان ابوابها مفتوحة لمن قال نعم ولمن قال لا ... لانها حكومة الشعب الفلسطيني والتي تحتاج الى كافة القوى الفلسطينية للمشاركة بها وتقديم الخدمات للناس ... باعتبار ان الشعب الفلسطيني صاحب الحق من الجميع بان يقدموا الخدمات له ... وان يقفوا بجانبه .... وان يخففوا من ازماته .... وان يساهموا في خلق بيئة حياة ادمية يمكن ان تعزز من الصمود والتحدي لكل ما يدبر ويحاك ضدنا .
المشاركة فعل وطني ايجابي ... وعدم المشاركة فعل سلبي حتى وان كان حق لكنه حق ناقص يجب على اصحابه ان يدفعوا الثمن للشعب والوطن والمواطن .
الحكومة الجديدة ... حكومة الكل الوطني ... يحب ان لا نفوت فرصة المشاركة بها .. والمساهمة بحل ازماتنا .. لان المعارضة اعاقة .... وليس اضافة .... نحتاج اليها في ظل الظروف الحالية ... والتي نحن احوج ما نكون الى وحدتنا وتماسكنا وتعزيز مقومات صمودنا .
... وانقاذ انفسنا .
الكاتب : وفيق زنداح