كان بإمكان حركة حماس المسيطرة على القطاع ان تفعل عكس ما فعلت .. وان لا تستخدم القوة المبالغ بها ... وبهذا الشكل المرفوض ... والذي وضعها بخانة الادانة والاتهام .. وليس بخانة ما تقول حول الدفاع والمحافظة على الامن والاستقرار .
حماس المسيطرة بالقوة العسكرية على القطاع وسكانه ... وبهذه السيطرة الجامدة دون روح ومسؤولية عملية ... ودون قدرة على الحكم ومتطلباته ... يزيد من ورطة حماس ويعقد المشهد بأكثر مما يحتمل .
ما تقوم به حماس يزيد من الهوة والفجوة ولا يساعد على لملمة الجراح ... ولا يبشر بأننا قد استفدنا من دروس التجربة المؤلمة بما حدث في 14 حزيران 2007 وكم الشهداء والجرحى والدماء التي سالت في معركة ليس لنا بها مصلحة بالمطلق لا حماس ولا فتح ولا الشعب الفلسطيني .
على مدار الايام الماضية اتابع بحزن شديد وبألم فاق كل تصور بما اراه من فعل خاطئ وممارسات مرفوضة ... ومحاولات لا ترتقي الى مستوى المسؤولية بما يتم القيام به من سلوكيات وتصرفات كان من نتيجتها الكثير من المظاهر السلبية والمشاهد المؤلمة .
ليس هكذا يواجه الجائعين والعاطلين عن العمل ... ليس هكذا يتم التعامل مع الحاضنة الشعبية للمقاومة ... ليس هكذا يتم التعامل مع شعب الجبارين ... ليس هكذا يتم التعامل وممارسة الوسائل المرفوضة مع شعب صامد يعيش التحدي ويسطر اسطورة الصمود ... ليس هكذا يقابل الشعب الذي ضحى بممتلكاته وابناءه وامواله من اجل وطنه ... ليس هكذا يتم التعامل مع شعب عاش ويلات ثلاثة حروب عدوانية ونتائجها الكارثية .
لقد اخطأت حماس في ممارساتها ... وردة فعلها غير المحسوبة لا تكتيكيا ولا استراتيجيا ... غير المحسوبة بحسابات وطنية وكأن حماس ستبقى مسيطرة على القطاع وسكانه ... ولن يتوحد الوطن ... ولن تجرى الانتخابات ولن يكون هذا الشعب صاحب الحق في اختيار ممثليه بصناديق الاقتراع .
حماس لم تحسب الحسابات بدقة وللأسف الشديد ... بل كان كل ما يراودها ان تنهي هذه المسيرات مهما كانت التكلفة دون استجابة لمتطلبات الناس والاستماع الى صرخاتهم وايجاد الحلول الممكنة بما تستطيع حماس ان تفعله وبما تمتلك من قدرات للاستجابة لنداء الناس .
حركة حماس تضع الضرائب وتعددها كما تعمل على رفع الاسعار لكن سيبقى السؤال .. هل حماس بما تتحصله من ايرادات ضرائبية ... وفروق اسعار ورسوم يكفي لمعالجة مشاكل الناس وظروفهم المعيشية ؟؟؟
يجب ان لا نحمل حماس بأكثر من طاقتها .... وبأكثر مما يدخل عليها ... وبأكثر مما تمتلك من قدرات وموارد ... وهذا لا يعني ان حماس لا تتحمل المسؤولية بحكم انها سلطة الامر الواقع .
لكننا وحتى نعالج الامر بواقعية ... وبنظرة علمية ... وبمنطقية لا تحتمل الشعارات المفرغة ... ولا تسجيل المواقف ... ولا تحمل حماس بما يشهده الواقع الغزي من بطالة وتدني بمستوى المعيشة وتدني مستوى الخدمات وغلاء الاسعار .
أزمة القطاع لا تمتلك حماس حلها ... وليس لديها موارد مالية وقدرات خاصة وعلاقات لحل هذه الازمة ... وان استمرار حكم حماس سيزيد من الازمات ويعقد من المشهد وسيجعلها أمام شعب له احتياجاته ومتطلباته وعليها الاجابة على تساؤلاته وايجاد الحلول لمشاكله ... وهذا ما يزيد من عبء حماس ... وما يخسر حماس من جماهيريتها وشعبيتها ومكانتها ونحن لا نريد لحماس ان تخسر لسوء تقديرها وحسابها ... ولكن بإمكان حماس وهي تعلم ان اتخاذ قرارها بانهاء الانقسام هو العلاج الاقرب والاصح لمعالجة ازمة حكمها ... كما ازمة علاقتها بالناس ومشاكلهم .
دور الكتاب ليس مجرد نقل الصورة ولكن ضرورة تحليلها ودراسة ابعادها ... وتصويب مسارها .. وان نقول كلمة الحق حتى وان كانت ليست على مقاس هذا او ذاك .
فالقوى السياسية مجتمعة وليست منفردة تتحمل المسؤولية الكاملة عن ما وصلت اليه الامور ... وهذا ما يعيد الكرة الى ملعب الفصائل عن العمل على انهاء الانقسام واتمام المصالحة ... وانهاء التحالفات التي لا تستند لمصالح الوطن ... بقدر انها تسجل في اطار المناكفات وتضارب المصالح ... لان ما وصلنا اليه يحتاج الى اعادة صياغة العلاقات الفصائلية بصورة اكثر وضوحا والتزاما .
حماس أخطأت صحيح وواجهت بطريقة خاطئة ... لكن حماس بحقيقة واقعها وحتى مع سيطرتها الكاملة لا تمتلك من المقومات والقدرات ما يجعلها تلبي مطالب الناس .. لذا ليس امام حماس الا خيار واحد ووحيد وهو انهاء الانقسام .... وتمكين الحكومة والسلطة للحكم وتحمل مسؤوليات الناس ومعالجة ازماتهم .... لكن ان يبقى الحال بحلول ترقيعيه وبمساعدات من هنا وهناك وقسائم شراء و100 دولار للأسرة .... فهذه طريقة معوجة لحالة اقتصادية وانسانية تتفاقم فيها الازمات ... ولا نريد ان نصل الى حالة والى نقطة عدم العودة وخطورة ذلك علينا وعلى قضيتنا ومشروعنا الوطني .... في ظل ما هو قادم من مؤامرات لا زالت تحاك وتدبر والجميع يعرفها .
الكاتب :/ وفيق زنداح