هناك اجماع عالمي ودولي واقليمي على أن قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاخير، فيما يتعلق بالاعتراف بسيادة "اسرائيل" على الجولان السوري المحتل، مخالف لكل القوانين والشرائع الدولية، ويستحق كل ادانة وشجب واستنكار ورفض.
ولكن هل هذا الاجماع كاف لوضع حد لتمادي وتطاول الرئيس الاميركي على القوانين الدولية؟ وهل الاستنكار يحقق شيئاً اذا كان خجولاً وضعيفا لا يرتبط بأي رد فعل واقعي وعملي يمنع المزيد من التطاول على الشرعية الدولية؟ وهل علينا كعرب أن نعتمد فقط على هذه الادانات الدولية لقرارات الرئيس ترامب التي تعتدي على حقوقنا وثوابتنا العربية سواء في القدس أو الجولان السوري المحتل!
لقد كان واضحاً أن رد الفعل العربي غير المؤثر على سياسة ادارة ترامب عقب الاعتراف بأن القدس عاصمة دولة اسرائيل أدى الى اتخاذ هذه الادارة المزيد من القرارات، وقرار الاعتراف بسيادة اسرائيلية على الجولان لن يكون الاخير، بل ستتبعه قرارات أخرى تستهتر بالعالمين العربي والاسلامي، وهذا ما يتوقعه كثير من المراقبين السياسيين. والتساؤل الذي يطرح نفسه: هل هناك امكانية لمواجهة مثل هذه القرارات الاميركية الجائرة بحق شعبنا الفلسطيني وبحق أمتنا العربية وبحق كل أبناء العالمين العربي والاسلامي؟
قد يختلف المراقبون في الاجابة على مثل هذا السؤال، فمنهم من يقول ان العالم العربي بأسره عاجز عن اتخاذ قرار شجاع يواجه فيه قرارات ادارة ترامب، ولم يستطع، واذا أراد ذلك فليس بامكانه ذلك. أما هناك مراقبون فيقولون أن الأنظمة العربية قد تكون مقيدة في ردّ الفعل، ولن تستطيع أن تكون على مستوى جرأة وشجاعة الشعب الفلسطيني الذي يتحدى ادارة ترامب وقرر مقاطعتها دون حساب لأي اجراء اميركي ضده، ولكن الشعوب العربية هي قادرة على تحدي ادارة ترامب الموالية، ولربما التابعة لاسرائيل، ويجب الا يكون موقفها سلبياً بل مؤثراً على القرار الاميركي. وهذه الشعوب يجب الا تتحرك عبر مظاهرات واحتجاجات ومهرجانات قد تفيد اعلاميا، ولكن يجب ان تكون هناك أيضاً اجراءات فعالة تتمثل في مقاطعة السفن والطائرات الاميركية سواء في الموانىء البحرية أو البرية كما اذكر أن نقابات العمال في العديد من عواصمنا العربية كانوا يتبعون هذا الاجراء ضد قرارات اميركية في أعوام الستينات والسبعينات من القرم المنصرم. أي أن النقابات المختلفة والاتحادات العربية القومية والوطنية ولجان العلماء قادرة على تشجيع مقاطعة اميركا حتى يمارس ضغط شعبي عالمي على ادارة ترامب للعودة عن هذه القرارات، والحد من التمادي في اتخاذ قرارات أسوأ.
إننا نعوّل على دور المثقفين والمتعلمين والنقابات والمؤسسات المختلفة في مواجهة قرارات اميركية جائرة، وكذلك لمنع دول عديدة من نقل سفاراتها الى القدس، أو الاعتراف بسيادة اسرائيل على اراضٍ عربية محتلة!
لقد حان الوقت كي تستيقظ النقابات المهنية والعمالية والمنظمات الثقافية والاعلامية من سباتها، وان تقول كلمتها الحاسمة لاعادة الاعتبار الى أمتنا بعد ان فقدت ذلك، وكذلك لحماية حقوق شعوبنا وسيادة أراضي وطننا.
والتساؤل: هل من مستجيب أو ملبِّ لرغبة كل شريف في نفض غبار العجز عن الجسم العربي؟.
بقلم/ جاك يوسف خزمو