الاعتراف الاميركي بسيادة اسرائيل على هضبة الجولان المحتلة منذ حزيران 1967 يأتي ضمن خطة صهيو اميركية شاملة للمنطقة، ومن ضمن هذه الخطة، حسب معلومات متوفرة، تعديل على الحدود التي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو عام 1916. إذ أن هضبة الجولان حسب الاتفاقية هي جزء من أراضي سورية بعد تقسيم المنطقة. وهذه الاتفاقية الجائرة سلخت وصادرت منطقة الاسكندرون عن سورية الكبرى. وتم تقسيم بلاد الشام الى عدة دول: سورية، لبنان، الاردن وفلسطين. وهذا التعديل في الحدود سيتم ضمن ما تُسمى "صفقة القرن"، وهي في الواقع صفعة للعديد من الدول تهدف الى تصفية القضية الفلسطينية عبر حل "ممسوخ"، وجائر جدا، وكذلك الى اعادة رسم الحدود في منطقة الشرق الاوسط على أن الهضبة السورية المحتلة هي جزء من خطة "صفقة القرن".
وهذه الصفقة تشمل أيضاً محاولة اعطاء محافظة ادلب السورية التي تحتلها الآن القوات التركية بالتعاون مع قوى ارهابية للسيادة التركية مقابل قبول تركيا على ان يكون للاكراد في شمال شرق سورية حكماً ذاتياً، أو ما يُسمى ادارة ذاتية مدعوماً، من اميركا نفسها. ولذلك فاننا نرى أن اميركا تتردد في سحب قواتها من سورية بناءً على طلب اسرائيل التي تدعم حصول الاكراد على دولة مستقلة أو كيان ذات سيادة.
وتشمل صفقة القرن التي تطبق عبر خطوات هادئة وقرارات اميركية جائرة اجبار مصر على منح القطاع أرضاً مساحتها حوالي 500 الى 600 كيلو متر مربع حتى تقام الدولة الفلسطينية هناك، في حين أن مصر ستحصل على ممر عبر "النقب" الى البحر الأحمر سواء اكان طريقاً برياً دوليا أو عبر سكة حديد. وترفض مصر حتى الآن ذلك، كما ان على السعودية حسب الخطة الظالمة منح الاردن مساحة أرض من السعودية لزيادة مساحة ميناء العقبة وكذلك مشاركة الاردن أيضاً في اقامة منتجع سياحي كبير على شواطىء البحر الاحمر مع السعودية واسرائيل. وتشمل الصفقة، لاغراء الاردن، تقوم السعودية بمنحه جزيرة أو جزيرتين من الجزر الثلاث التي أعيدت من مصر الى السعودية في خليج العقبة.
تعديل أو تغيير حدود سايكس بيكو يتم عبر خطة "سلام" مزيفة تهدف الى تعزيز السيطرة الاسرائيلية على المنطقة، وكذلك تأمين أمنها حالياً ومستقبلاً. ولان اوروبا تدرك مخاطر مثل هذا التعديل على الحدود، وتجاهلها في أي اتفاق دولي يقتصر على اسرائيل واميركا فقط، فانها تقف ضد اعتراف اميركا بسيادة اسرائيل على الجولان. وتعتبر هذا الاعتراف تجاوزا سافرا للقانون الدولي ولقرارات الشرعية والاتفاقيات الدولية القديمة والحديثة.
والتساؤلات التي تطرح: هل كل من الاردن والسعودية ومصر مستعدة لتبادل اراضٍ، أو بقبول فرض حل اميركي صهيوني على المنطقة وعلى حساب أراضي وسيادة هذه الدول؟ وهل ستقبل تركيا باقامة حكم "ادارة ذاتية" في شمال شرق سورية قد يتطور الى دولة كردية من خلال الاتحاد مع كردستان العراق في المستقبل!
بالطبع سورية لن تتنازل عن الجولان، وستعمل على اعادة هذه الاراضي الى سيادة الوطن الأم، وكذلك لن تقبل باحتلال تركي لادلب مهما كلف الثمن، ولن تسمح باقامة ادارة ذاتية كردية في شمال شرق سورية، لانها ترفض التقسيم ولن تسمح بالمس بوحدة اراضيها.
والتساؤلات الاكثر خطورة: هل ستقبل دول خليجية، وأهمها السعودية، مثل هذه "الخطة" الخطيرة، وتدعم "صفقة القرن" بذريعة الخطر الايراني ومواجهته، أم أنها ستصحو وتدرك ان ما يمس الدول العربية وفلسطين سيمسها مستقبلا. وهذا ما ستثبته وتؤكده السنوات القادمة مع تواصل الخنوع الرسمي العربي للسياسة الاميركية الاسرائيلية المشتركة.
بقلم/ جاك خزمو