التسهيلات.. وخطة “بولي“ !

بقلم: هاني حبيب

أعادت قوات الاحتلال الإسرائيلي فتح معبر كرم أبو سالم للاستيراد والتصدير من وإلى القطاع، كما سمحت بالصيد في بحر القطاع بأعماق أكثر مما كانت عليه قبل الاشتباكات الأخيرة، وهي بداية لتسهيلات من المرجّح على نطاق واسع أن تشكل مقدمة للتسهيلات الأكثر جدية وفعالية في سياق كسر الحصار. رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية وفي حديثه، أمام مجموعة من الكتّاب والإعلاميين الفلسطينيين في غزة، أمس، أشار بشكل واضح الى أن هذه الخطوات من قبل الاحتلال مجرد عودة إلى ما كان عليه الأمر قبل التصعيد الأخير، إلا أن سلة التسهيلات الجديدة آتية في أقرب وقت ممكن وفي سياق برنامج زمني محدد وتتعلق بالبنية التحتية للاقتصاد الفلسطيني في القطاع.

إلاّ أن أهم ما جاء في هذا اللقاء، تأكيد هنية على أن لا ثمن سياسياً لهذه التسهيلات، نافياً كل ما قيل ويُقال عن ارتباطها بصفقة القرن أو فصل غزة عن الضفة الغربية. وفي بادرة هي الأولى، لم يكتف هنية بالتعبير عن الأسف لكل من تضرر من فض قوات من حماس للحراك الشعبي، بل قدم اعتذاراً متكرراً واضحاً لهؤلاء.

وفي الوقت الذي يضع فيه هنية أصحاب الرأي في قطاع غزة، حول تفاصيل ما يحدث من تفاهمات وصدامات مع الجانب الإسرائيلي، بالمقابل، يلغي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الاجتماع الذي كان مقررا عقده اليوم بطلب من المجلس الوزاري المصغر «الكابنيت» حول تطورات الأوضاع في «الجنوب» خشية من أن تخضع نقاشات هذا الاجتماع لحسابات الحملة الانتخابية، على ضوء عدة تصريحات لأقطاب اليمين خاصة رئيس حزب «اليمين الجديد» نفتالي بينيت. إن معظم أركان الكابينيت يعارضون التفاهمات التي استجاب لها نتنياهو لطلبات وشروط حركة حماس، وهكذا فإن الرأي العام الفلسطيني بات على بينة من تطورات الوضع الراهن من قبل أصحاب القرار بهذا الشأن المتعلق بالتفاهمات، في حين أن الجانب الإسرائيلي الرسمي، يعتمد على تسريبات لوسائل الإعلام من دون أن تكون لديه الإرادة في الإعلان عن حقيقة ما يجري في سياق التفاهمات والتهدئة. وحسب عاموس هرئيل في صحيفة «هآرتس»، فإنه لم يتم نشر أي إعلان رسمي من المتحدث بلسان الجيش أو رئيس الحكومة نتنياهو حول التسهيلات للقطاع، وحتى حجم منطقة الصيد، واكتفى هؤلاء بأقوال عامة حول الاستعداد لكل سيناريو، وربما الذهاب إلى عملية عسكرية في حال كان الخيار الأخير.

ومع أن رئيس حركة حماس، إسماعيل هنية قد أكد خلال هذا اللقاء المشار إليه، أن لا مساومة سياسية مقابل هذه التسهيلات، نافياً أي ارتباط لها مع صفقة القرن، وأن هذه التفاهمات تم الاتفاق عليها من كافة الفصائل الفلسطينية، إلاّ أن هذه الفصائل اعتبرت التسهيلات المشار إليها مجرد مسكّنات لا تعالج الأوضاع الصعبة في القطاع باعتبار أن استعادة الوحدة وإنهاء الانقسام هو المدخل لوضع حد في اطار خطة وطنية تحت مظلة السلطة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية، ومن الواضح أن عدداً من هذه الفصائل لم يوافق على هذه التسهيلات كونها قد تحسن من الوضع الاقتصادي إلاّ أنها لا تشكل حلاً، وتخوفاً مبرراً من أن تشكل هذه التحسينات وصولاً إلى تهدئة مقابل تهدئة، بوابة لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية في سياق ما يسمى بصفقة القرن.

يقول نتنياهو في إحدى تصريحاته رداً على منتقديه بشأن التسهيلات والتهدئة: «من لا يريد دولة فلسطينية في الضفة وغزة، واستمرار الفصل بينهما، عليه القبول بالتهدئة والتحسينات».

وفي حين استعادت وسائل الإعلام الإسرائيلية ما يسمى بخطة «بولي» التي تمت بلورتها في إسرائيل قبل عامين، تضم سلسلة من أفكار لإعادة إعمار قطاع غزة أعدها منسق أعمال الحكومة الجنرال يوآف مردخاي، اعتبرت هذه الوسائل أن الموضوع المركزي في كل ما يجري حول خطوات اقتصادية تندمج مع الأفكار التي ستتضمنها «صفقة القرن»، في سياق «الملحق الغزي» في اطار هذه الصفقة خطة «بولي» هذه تتضمن ضخ مليار ونصف مليار إلى القطاع، من أموال الخليج وبدعم من أميركا لإقامة مناطق صناعية وإقامة محطة طاقة شمسية على طول حدود القطاع وتحسين البنية التحتية للغاز والكهرباء بمساعدة إسرائيل، وإقامة محطات لتحلية المياه وتركيب سكة حديد تربط «حاجز ايرز» في الشمال إلى ميناء أسدود.. إلخ (عاموس هرئيل/ «هآرتس» 1/4/2019).

من الواضح أن سلسلة التفاهمات هذه، وفي اطارها الزمني المفتوح إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية، وهو موعد طرح إدارة ترامب لصفقة القرن، لا يمكن لها ـ التفاهمات ـ أن تكون مجرد رغبة إسرائيلية في الامتناع عن القيام بحرب لا جدوى منها، بل وفي المقابل، الثمن السياسي التي تدفعه إسرائيل للحصول على مكاسب سياسية تتجلّى بتنفيذ صفقة القرن، في إطار «الملحق الغزي» وإنهاء ما يسمى بـ «حل الدولتين»!

[email protected]

بقلم/ هاني حبيب