هل سيكون ما بعد .... باختلاف ما قبل ؟!

بقلم: وفيق زنداح

أظهرت نتائج الانتخابات الاسرائيلية فوز قوي اليمين بزعامة نتنياهو بأغلبيه الاصوات .... والتي تقدر بحسب المؤشرات الاولية الي حصول اليمين على 66 مقعد .... مقابل 54 مقعد للوسط واليسار بزعامة غانتس .... في ظل أن الحزبين الليكود .....وأبيض وأزرق .... قد تساوي في عدد المقاعد التي حصل كل منهم عليها..... لكن الفارق بالتحالف اليميني الذي حصد عدد أكبر من المقاعد .
بكل الأحوال المجتمع الاسرائيلي صوت الي جانب الاحتلال والعدوان والاستيطان الي جانب القتل وانتهاك الحقوق ..... كانت الاصوات في الاتجاه المعاكس للتسوية السياسية التي تحقق الامن والسلام والعيش ضمن حدود امنه ومعترف بها .
أراد المجتمع الاسرائيلي بنتائج هذه الانتخابات ان يفتح أبواب الصراع وردات الفعل الي أبعد ما تكون .... دون أدني حساب أن التسوية والسلام له متطلباته واستحقاقاته ..... كما ان الامن المنشود يجب أن يتحقق على أرضية الحقوق والمساواة واعادة ما تم سلبه واحترام حقوق الاخرين .
ما جري في عهد الحكومة السابقة وما قبلها ....وحتى بداية تشكيل هذه الحكومة لن يغير من توجهات الاحزاب والأقطاب السياسية والمحكومة بنظره يمينة توراتيه صهيونية ...لا تخدم تحقيق أي تقدم بعملية السلام ولا تخدم عملية تحقيق الامن والاستقرار ..... بل على العكس تماما فان ما جري وحتي اللحظة يؤكد أننا نتجه الي حالة عدم استقرار ومواجهات قد لا يحسب حسابها ..... بل ستكون نتائجها مخيفة ....ومدمرة .
ما بعد ظهور نتائج الانتخابات الاسرائيلية سيكون ما بعد .... على اختلاف ما قبل .
فما جري من تهدئة ربما يكون مختلفا في الواقع السياسي ..... والزمني ....بدليل أن أحد اشتراطات ليبرمان على سبيل المثال أن يتم الغاء التفاهمات مع حماس ....واحداث تغير جذري بالسياسة الامنية باتجاه غزة ... كشرط لدخوله في الحكومة القادمة ..... هذا ما تم الافصاح عنه ونشره بالاعلام العبري .... وقد يكون مثل هذا الشرط شرطا للعديد من الاحزاب التي ستشارك نتنياهو بائتلافه الحكومي .....ليس هذا فقط بل ان نتنياهو وما صرح به حول ضم بعض أراضي الضفة الغربية والمناطق الاستيطانية سيكون ملزما له أمام أحزاب ائتلافه وخاصة حزب المستوطنين .
أي أن نتنياهو لن يجد في ائتلافه الحكومي أي فرصة للحل السياسي .... بل ان الفرص المتاحة ستكون في اتجاه المزيد من الاستيطان والتطرف والعنصرية والتدمير لكافة فرص التسوية ما بين الشعبين .
قد لا يطول عمر هذه الحكومة اذا ما نضجت ملفات الفساد وتبلورت لوائح الادعاء ...واقتيد نتنياهو الي المحكمة لمحاسبته والذي حاول التهرب منها بتمسكه بحصانته ورئاسته للحكومة الا أن قوي المعارضة لن تتركه يتمتع بولاية خامسة كاملة المدة ....وأن يكون بحالة استقرار شخصي .
صحيح اننا لا نتدخل بالشأن الاسرائيلي.... كما لا نريد لأحد ان يتدخل بالشأن الفلسطيني الا أن قاعدة التأثير والتأثر قائمة ولا نستطيع التخلص منها بحكم التداخل الكبير ما بين المجتمعين والقضايا العديدة التي تحكمنا جميعا .....الا أن خارطة الاحزاب الاسرائيلية وصعود قوي اليسار والوسط وبالحسابات السياسية المجردة قد يكون أفضل بكثير من صعود قوي اليمين واليمين المتطرف .
هذا الاختلاف ما بين الائتلاف اليميني المتطرف بكل عنصريته وسياساته والمناهض للتسوية السياسية ..... يبقي بحكم التجربة التاريخية المتعارف عليها بأن قوة وقدرة اليمين في اتخاذ القرارات المصيرية والصعبة أكثر من قدرة قوي اليسار والوسط .
مثال ذلك في عهد مناحيم بيجن كانت عملية السلام مع مصر واتفاقية كامب ديفيد وهذا مؤشر على ان زعماء اسرائيل بن غوريون ...ومناحيم بيجن واسحاق رابين من الذين يمتلكون قدرة اتخاذ القرارات غير المألوفة بالسياسة الاسرائيلية وهذا بعكس غيرهم...وما نحن أمامه من ولاية خامسة لنتنياهو زعيم حزب الليكود والذي لا يمتلك القرار باتجاه التسوية وانهاء الصراع ..... فهل يفعل في ولايته الخامسة؟!! ...
فهل يمكن لنتنياهو أن يصبح زعيما قادرا على اتخاذ قرارات مصيرية باتجاه التسوية ؟؟!!.
نتنياهو وحكومته الجديدة واذا ما تم تكليفه من رئيس الدولة قد تكون بفعل الواقع السياسي اخر الفرص المتاحة له لأجل انجاز تسوية سياسية تساهم في تعزيز الامن والاستقرار على قاعدة استعادة الحقوق الوطنية الفلسطينية والحق بإقامة دولة بحدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس الشرقية .
الرئيس الامريكي ترامب صرح بأن فوز نتنياهو بفترة جديدة مؤشر جيد للسلام !!!
ويبدو ان ترامب كان من الداعمين لفوز نتنياهو في ظل ما يسعي اليه للاعلان عن صفقته والتي تأتي في سياق سياسات نتنياهو واستراتيجيته اليمينة .... خاصة بالنسبة للقدس والجولان والضفة الغربية .... وحدود الدولة وما يسمي بمشروع دولة غزة ..... بالنسبة لنا حكومة نتنياهو السابقة كما اللاحقة .....حكومة عنصرية يمينية استيطانية متطرفة تعتمد التمييز العنصري ...كما تعتمد سياسة سلب الحقوق..... وهي بالتالي تدمر فرص التسوية السياسية من أساسها وجذورها .
لذا ما قبل ....كما ما بعد .... الفارق اذا ما كانت صفقة القرن الامريكية قد تنسجم ومنطلقات اليمين واليمين المتطرف ....وعندها ستكون الخطوات التي تعتمدها الحكومة الاسرائيلية القادمة خطوات تدميرية سريعة لكافة فرص السلام والتعايش ....وسيتجه الصراع الي فتح أبواب داخلية قد يصعب مواجهتها ....وقد يصعب تحديد مساحتها وحدودها ...وستصبح مقولاتنا السياسية التي تتحدث عن السلام ومشروع حل الدولتين في مهب الريح ....وستصبح بديل عنها مقولات الحقوق الكاملة والدولة الشاملة .... وعندها ستختلط الاوراق ولن يكون هناك عاقل يمكن أن يخرجنا من دائرة العنف المتبادل .
الكاتب : وفيق زنداح