ما يمكن إستخلاصه من نتائج الإنتخابات الصهيونية , أن التطرف هو السمة الأبرز والصفة الغالبة على سياسات الأحزاب الصهيونية , وهي مناسبة لإعادة التأكيد على إتمام مراسم دفن عملية التسوية, لذا فأن التعويل على مغازلة الرأي العام الصهيوني والتأثير فيه , عبر ما تسمى بلجان التواصل مع المجتمع الصهيوني , أو إجراء لقاءات التودد والمسكنة أمام الوفود الصهيونية التي زارت المقاطعة في رام الله مؤخراً , هذا الفعل يشبه في الأداء من يرقص مغمض العينين في سرداب معتم ! ,فلا هو يجيد الرقص ولن يكون هناك من يشاهده , والحقيقة بأن المجتمع الصهيوني قائم على ثقافة العنصرية والعدائية للشعب الفلسطيني وحقوقه , حيث أنه مجتمع لصوصية ذو نهم مفرط , يسيل لعابه على مزيد من السرقة التهويدية , التي ستعمل حكومة نتانياهو الخامسة على تنفيذها ضد المسجد الأقصى المبارك , وكذلك سرقة وضم وتهويد بعض المواقع الأثرية في الضفة المحتلة , إلى جانب ضم المستوطنات الكبرى كما جاء في الدعاية الإنتخابية لليكود وأحزاب اليمين الصهيوني, لتصبح جزء من الكيان الصهيوني , وسيكون ذلك بمباركة أمريكية وأحد بنود صفقة القرن الخبيثة .
نتائج الإنتخابات الصهيونية , تشكل توالي للصفعات في وجه مناصري التسوية والمتمسكين بإتفاقية الذل والمهانة , التي يستفيد منها الكيان الصهيوني فقط عبر ثنائية كئيبة يقدمها الممسك بسلطة الحكم الذاتي المحدود , ممثلة بـ (إعتراف بشرعية الإحتلال , والتنسيق الأمني ) وهذه الثنائية السوداء طعنة خنجر في ظهر القضية الفلسطينية , مع أن نتائج الإنتخابات الصهيونية منذ قرابة العشرين عاما , تعطينا نتيجة واحدة أن المجتمع الصهيوني يرفض الإعتراف بحق الحياة للفلسطيني , فما بالكم بالحقوق السياسية والسيادية على التراب والمقدسات في فلسطين ,ومع ذلك يصر فريق التسوية وسلطة التنسيق الأمني على الإستمرار في هذا التيه اللامحدود الذي يفضي إلى العبث بالثوابت الوطنية , ويساهم في إنكسار كل جدران المناعة والمساندة لقضيتنا الفلسطينية فلسطينيا وعربياً وعالمياً , وهذا كان واضحاً في مشهد الهرولة نحو التطبيع الذي بدأ أو خطواته لحظة التوقيع الآثم على إتفاقية أوسلو المشؤومة .
حكومة الحرب التي أفرزتها صناديق الإنتخابات الصهيونية , ستكون بقيادة نتانياهو الذي يتحصن بـ (65) مقعد في الكنيست الصهيوني الجديد , والسياسة اليمينية العدائية لحكومة نتانياهو السابقة وكذا اللاحقة ستكون واحدة وستزداد شراسة فيما يتعلق بحسم قضايا مهمة في القدس حيث عمليات التهويد وتغيير المعالم وتزوير الحقائق التاريخية , وسوف تتجدد بكل تأكيد محاولات التقسيم المكاني للمسجد الأقصى بدعم من أحزاب اليمين المتطرف عصب حكومة نتانياهو القادمة, وكذلك سيفتح باب التصعيد على مصراعيه فيما يتعلق بالضفة المحتلة , بإنتزاع نتانياهو كما هو متوقعا إعترافاً أمريكيا بسيادة الكيان الصهيوني على مناطق شاسعة من الضفة الغربية المحتلة ممثلة بمناطق (ج) التي تمثل (61% ) من مساحة الضفة وبالتالي ضمها والمستوطنات الكبرى إلى الكيان الصهيوني.
الحكومة اليمنية القادمة في الكيان الصهيوني , ستفتح الحرب على كل ما هو فلسطيني تحت مضلة ما يسمى بيهودية الدولة , ستحاول قدر الإمكان الإنجاز في هذا المسألة طالما كانت الأجواء مناسبة , ستشرعن القوانين التي تحاصر وتقمع الفلسطيني وتحاول طمس هويته في كافة أماكن تواجده في فلسطين المحتلة( فلسطينيو48 , الضفة الغربية والقدس , وقطاع غزة) إنها الحرب الصهيونية بمختلف أسلحتها وأدواتها الخبيثة , وهدفها واحد هو تصفية القضية الفلسطينية.
وضوح الهجمة العدائية ضد القضية الفلسطينية وإشتداد خطرها على الهوية الوطنية , ومحاولة قوى الشر تفتيت ما تبقى من مشروعية الحق الفلسطيني , والسعي لفرض الأمر الواقع والتسويات تحت سطوة الإرهاب الصهيوأمريكي والخنوع والخذلان العربي , يتطلب منا إعادة فورية وعاجلة لترتيب البيت الفلسطيني ومراجعة المرحلة السابقة وإقرار المشروع الوطني الفلسطيني التحرري, الذي يرتكز على سحب الإعتراف بـ "إسرائيل " وإعادة الإعتبار للكفاح المسلح كخيار إستراتيجي لشعبنا , والتأكيد على الحق في ممارسة كل وسائل الكفاح والمقاومة من أجل تحرير الأرض وكنس المحتل, فهل نكون على قدر المسؤولية الوطنية لمواجهة المؤامرة والعدوان ؟.
بقلم/ جبريل عوده