فوز نتنياهو بانتخابات " الكنيست " الأخيرة وإن لم تشكل مفاجأة ، غير أنها أتت لترسخ حقائق لم يعد من المفيد التعاطي معها على أن ما قبل الانتخابات شيء ، وبعدها شيء أخر ، وما طُرح وأعلن من مواقف هي للتوظيف الانتخابي ليس إلاّ . وبالتالي لم يعد أيضاً من المجدي الرهان على أي من أحزاب أوشخصيات تدعي الاعتدال ، أو مغازلتهم وطمأنتهم بمناسبة وغير مناسبة .
وجملة هذه الحقائق ، قد بُنيت على حقيقة تمثل حجر الزاوية ، وهي أن المجتمع الصهيوني قد جنح بكليته نحو التطرف عن سابق تصور وتصميم ، حيث فاز ما يسمى ب" اليمين المتطرف " ب( 71 ) مقعداً من أصل ( 120 ) مقعداً ، لكل من حزبي الليكود وأزرق أبيض .
بدأت ملامح هذا التطرف ليس اليوم بل منذ عقدين من الزمن ، ليصل اليوم في الكشف الكامل عن سفور وجهه القبيح عبر توجهاته اليمينية بمزيدٍ من الإيغال في سياسته العنصرية والفاشية ، في مواجهته للشعب الفلسطيني وعناوين قضيته ، على طريق تصفيتها نهائياً ، عبر " صفقة القرن " الصهيو أمريكية .
هذه الحقائق بمجملها تشير بوضوح إلى اتجاه واحد لا ثاني له ، ومفادها أن على الفلسطيني البحث عن مكان أخر خارج أرض وطنه فلسطين ، وإذا ما رغب البقاء فيها ، فهو مواطن يحكمه ويتحكم بحاضره ومستقبله ما سمي ب" قانون القومية للشعب اليهودي " . وما أعلنه نتنياهو صراحة في عزمه ضم الضفة الغربية بعد تشكيله الحكومة ، وبالتالي تلك الخطوط الحمراء التي رسمها شرطاً مسبقاً لقبوله " صفقة القرن " ، من خلال الإبقاء على القدس الموحدة عاصمة للكيان ، والمستوطنات والمستوطنين لا إزالة أو ترحيل لهم ، ومنطقة غرب نهر الأردن تحت سيادة كيانه ، إنما يعبر عن تلك الحقائق بجلاء ، والتي هي تقاطعت عندها الكثير من الأحزاب التي انخرطت في الانتخابات الأخيرة ، والتي تكاد برامجها أن تكون واحدة مع فوارق في الصياغات لمزيد من التعمية على حقيقة توجهاتها وخصوصاً ما تسمي نفسها ب" اليسار " ممثلاً بحزب العمل الذاهب إلى الإنقراض والتلاشي ومعه ما يسمى ب" اليمين الوسط " .
بقلم/ رامز مصطفى