المصالحة .... والاختبار التاريخي

بقلم: وفيق زنداح

عودة التحرك لاجل انهاء الانقسام واتمام المصالحة في ظل ما يدور الحديث عنه حول قرب الاعلان عن صفقة العار الامريكي ... يضع الجميع أمام اختبار حقيقي ... لم يعد فيه يمكن ان يفهم أي كلام مكرر ... ولا يمكن قبول أي اعذار او مبررات يمكن محاولة تسويقها ما بين فترة واخرى ... على اعتبار ان الحديث خارج السياق الطبيعي والوطني الملزم مجرد احاديث وكلمات لا تسمن ولا تغني من جوع .

12 عام من المناكفات وطحن الكلام والتجاذبات بالتصريحات الاعلامية حتى اصبحنا بحالة حيرة شديدة ... وعدم فهم لحقيقة ما يدور ..... فهل نحن قد وصلنا الى مرحلة عدم فهم مصالحنا ... وحتى التناقض معها وحتى تمكين اعداءنا من استمرار احتلالهم وممارساتهم .... وبالمقابل نتحدث بلغة غير مفهومة ... وغير منسجمة مع حقيقة الواقع .

12 عام كانت المحاولات لتزييف الوعي ... ومسح الذاكرة ... وما يتم من محاولات شطب الهوية وتجاوز مرحلة من خلال اوهام واحلام لم ترى النور ... ولم يتوفر لها ظروف الحياة الطبيعية .. لانها بنيت على اساس خاطئ وحلم بائد واخطاء مكررة بالحسابات وتقدير الموقف .

انقسام اسود يحدث في ظل احتلال وحصار وفي واقع غياب للحرية والاستقلال وعدم وجود سيادة ودولة ... انقسام يعبر عن حالة ضياع اضافي يمكن اعداءنا ولا يمكننا من حالنا واوضاعنا ... تشتت معرفي وطني ثقافي وتاريخي لا مبرر له ولا سبب مقنع يمكن ان يرضي طفلا صغير .

وقد حدث هذا اليوم الاسود والمؤلم والمخزي بتاريخنا المشرف ... حاولنا ان نجمل الصور وان نعيد تكرار واختلاق الروايات التي نبرر فيها ما وقع من خطيئة وطنية ... وان ما حدث أمر مؤقت واستثنائي وعابر ولا يمثل حقيقة وعينا الوطني .

12 عام لا مسامحة بهم ولا قبول بنتائجهم وسلبياتهم على اعتبار انها حقبة زمنية ليس فيها من انجاز ... بل ترتب عليها ظواهر وازمات وكوارث ليس لها اول من اخر .

اليوم وفي ظل ما يجري تخطيطه من قرب اعلان صفقة العار الامريكية والتي فيها الكثير والتي تمس مضمون وحقيقة المشروع الوطني ... وما يجري تداوله من مشاريع مشبوهة ... في ظل واقعنا السياسي وحالة الانقسام الحاد والذي يعتبر الافضل بالنسبة لاعداءنا لتمرير صفقتهم ومشاريعهم وان كل حديث عن عدم تمرير هذه الصفقة ونحن بحالنا القائم وازماتنا المتفاقمة ... يعتبر مجرد كلام لا يستند الى الوقائع بل يتناقض معها كليا .

اليوم سيصل وفد من حركة فتح الى القاهرة لاجراء مباحثات حول اتمام المصالحة ومواجهة المخاطر المحدقة بنا والتي لا تعطي المزيد من الفرص الاضافية ... ولا توفر المزيد من الوقت وما يحمله من تحديات قد لا نستطيع مواجهتها الا من خلال تعزيز الوحدة الوطنية وانهاء كافة اشكال الانقسام وما ترتب عليه من وقائع وحتى نتمكن من استعادة وحدة الوطن وتوفير مقومات قوته القادرة على مواجهة التحديات والمصاعب .

12 عام من هذا الانقسام الاسود وحالة التجاهل المميت لنتائج ما وصلنا اليه ... وكأننا بأحسن حال ... مع ان الواقع يتحدث اننا في اسوء احوالنا ... وان التاريخ يسجل علينا قصورا واضحا اتجاه انفسنا واتجاه قضيتنا وشعبنا .

العودة الى المصالحة وبجهد مصري شقيق يعتبر فرصة تاريخية قد لا تعوض ... وقد لا يكون المجال بحال تنفيذ المخطط والمشاريع التصفوية ... لاننا نكون عندها قد تجاوزنا التاريخ .... واصبحنا بحالة يسجل علينا فيها اننا قد اسهمنا بخراب قضيتنا وضياع مشروعنا .... وعندها لن تسامحنا الاجيال ولن يسامحنا التاريخ ... وسيسجل علينا ... ولن يسجل لنا .

نحن امام اختبار حقيقي لا ندعيه ... ولا يجب ان نجامل انفسنا امام الوقائع وتفاصيل حياتنا وازماتنا المتفاقمة والتهديد الحقيقي لمشروعنا الوطني بالبقاء على المواقف والشعارات والفكر الاحادي والذي اضر بنا والتي سيجعلنا امام حالة افلاس حقيقي اذا لم نتدارك بحساباتنا الوطنية مدى المخاطر المحدقة بنا والتي تفرض علينا العمل المستمر والسريع لاجل اتمام المصالحة وعودة السلطة الوطنية لبسط سيادتها وانهاء كافة اشكال الانقسام واستخلاص الدروس والعبر والنتائج التي وصلنا اليها نتيجة لهذا الانقسام الاسود وان نعيد صياغة مواقفنا وتعزيز وحدة مؤسساتنا وعدم القبول بكل اشكال العمل خارج السياق الوطني وان نكون جميعا في الاطار الشرعي والمشروع والمتمثل بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد .

لسنا امام وقت مفتوح .. فالوقت كلفته عالية وقد تتعدى حدود ازمة هنا او هناك ... لكنها تشكل ضربة قاضية لمشروع وطني ولاطار تمثيلي وحيد كان مستهدفا ولا زال ... وحتى نتمكن من حماية انفسنا وصيانة حقوق اجيالنا وعدم العبث بمقدراتنا ... والذي يفرض علينا ان نصحوا وطنيا ... وان نعمل بروح وحدوية .. لا مجال فيها لشطب أحد .... بل يجب ان تتكاتف الجهود حتى نحقق المصالحة وبدعم مصري شقيق يحرص عليها ... وسيعمل على اتمامها بعد ان وصلنا الى مرحلة الاختبار التاريخي والذي ليس بعده اختبار .

بقلم/ وفيق زنداح