“المناعة المتاكسدة“...ضد الصدمات... في عقلية النظام الرسمي الفلسطيني

بقلم: باسم عثمان

من الضروري أن لا تمر التطورات الأخيرة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية خصوصا و المنطقة عموما دون أن يحدث "صدمة سياسية" مؤثرة في الوعي السياسي للنظام السياسي الرسمي الفلسطيني الحالي.

من إعلان القدس عاصمة لكيان الاحتلال الاسرائيلي من قبل الإدارة الأمريكية، وإقرار قانون القومية الاسرائيلي، والعمل على إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين من خلال تصفية وكالة الغوث الدولية ووقف المساعدات للمؤسسات الدولية العاملة في فلسطين وسحب الإعتراف السياسي بمنظمة التحرير الفلسطينية من قبل الإدارة الأمريكية، والتعامل مع قطاع غزة كحالة منفصلة سياسياعن الضفة والقدس, الى قضية الجولان السوري والقرار الأمريكي بالاعتراف "بالسيادة الإسرائيلية" عليه كجزء من تلك الخطة "الترامبية",الى سياسة الاستيطان و التهويد للأراضي الفلسطينية المحتلة, واخيرا و ليس اخرا¸ اعلان تشكيل الحكومة "الفصائلية" و من لون واحد, كل هذا, والسلطة الفلسطينية الرسمية "بشقيها" غارقة في اوهام السلام و العجز و اليأس والبحث عن المصالح الفئوية الضيقة على حساب المصلحة الوطنية العامة.

"الصدمة السياسية"... التي من شأنها ان تؤدي إلى الوعي والإدراك من قبل السلطة السياسية الفلسطينية لماهية وأبعاد الصراع مع الاحتلال الاسرائيلي ومن وراءه الامبريالية الامريكية, وضرورة تغليب العام الفلسطيني على الخاص الفصائلي.

"الصدمة"... التي من شانها ان تؤدي إلى مراجعة نقدية حقيقية للتجربة السياسية الفلسطينية واستخلاص الدروس والعبر, و الوقوف عند الاليات الوطنية و الكفاحية في نصرة قضية الشعب الفلسطيني و حقوقه المشروعة, أي دعم الاجندة الفلسطينية الخالصة على حساب الاجندات الاقليمية الاخرى.

"الصدمة"... التي تؤدي إلى عودة السلطة الفلسطينية الرسمية بشقيها(الفتحاوية والحمساوية) إلى جادة الصواب في العمل السياسي الوطني و المجتمعي والمقاوم البرنامجي: أي العودة إلى الشعب الفلسطيني و خياراته الوطنية, إلى إعادة بناء نظام سياسي فلسطيني على أساس ديمقراطي تعددي يضمن مشاركة كل أطياف العمل السياسي و المجتمعي الفلسطيني و يساهم في صنع و صياغة القرار السياسي.

"الصدمة"... التي تؤدي إلى تغيير قواعد العملية السياسية وإعادة بناء العلاقات والتحالفات بما يخدم القضية الفلسطينية وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني, و التركيز على الإنسان الفلسطيني وصهر طاقاته الكامنة و توفير اليات شحذها و انطلاقتها عبر توفير كل عوامل النهوض والروافع الوطنية والعمل على تحريره وتحقيق كرامته، فلا قيمة أبداً لأي عمل سياسي و برنامجي اجتماعي لا يؤدي بالنتيجة إلى تثبيت الشعب الفلسطيني على أرضه وتحقيق الحرية والكرامة والاستقلال الوطني للإنسان الفلسطيني.

وبعد ظهور ملامح "صفقة القرن المزعومة", اتضح أن القيادة الفلسطينية الرسمية تعرضت لواحدة من أكبر عمليات الخداع والوهم السياسي في التاريخ المعاصر من قبل الإدارة الأمريكية, حيث لم يكن تحقيق السلام يوماً هدف من أهداف الحركة الصهيونية والإدارة الأمريكية, ولكن كان الهدف الأساسي دائماً إدارة الصراع العربي

الإسرائيلي والإبقاء على حالة الحرب وعدم الإستقرار التي تضمن تدفق الأموال والموارد العربية باتجاه الغرب وأمريكا.

هذه "الخطة السياسية الترامبية", والتي بدأت بالتطبيقات العملية وترسيخ "الحقائق السياسية"، قبل الاطلاع عليها, ومن ثم صياغتها وفقا للنتائج الملموسة على الارض, وفق نظرية و سياسة "الامر الواقع" وعلى ردات الفعل فلسطينيا و اقليميا و دوليا.

سياسة خطيرة وماكرة تبدأ بالتطبيقات الملموسة ومن ثم حصاده لصياغته ضمن خطة مرتقبة" للسلام" في المنطقة, و القول: هذا هو الواقع الجديد؟! و يجب التعامل معه؟؟!!!.

ومع كل خطوة تنفيذية على الارض، لا تملك السلطة السياسية الرسمية الفلسطينية ولا قيادة غزة السياسية الحمساوية سوى اصدار بيانات الشجب و الاستنكار و توصيف المخاطر السياسية المترتبة على كل خطوة تصفوية للقضية الفلسطينية.

مواقف تكشف أن "القيادة السياسية "بشقيها" الرسمية و الحمساوية بعيدة كل البعد عن شعبها و قضيته الوطنية , و ما تبحث عنه تلطيف الاجواء السياسية و الرأي العام الفلسطيني و الحصول على بعض المكاسب الفئوية و الفصائلية الضيقة, امارة هنا.. ومخترة هناك...؟؟!!

بقلم/ د.باسم عثمان