مجدداً وبعد إنهيار الخلافة الإسلامية عادت ثانيةً المؤامرات والغزوات التي تستهدف أمتنا العربية ,وخصوصاً بعد أفول نجم حضارة العرب الرائدة بين الأمم,ومع بداية ظهور قوى جديدة في المسرح الأممي وتحديداً في أعقاب الحرب العالمية الأولى عكفت قوى الإستعمار العالمي الإمبريالية على التفكير ملياً بوضع الخطط والبرامج الكفيلة بتفتيت وإضعاف وتمزيق الأمة بغية الحؤول دون تقدمها وتحررها ونهوضها ,وصبت تلك القوى جام حقدها على القلب من الأمة فلسطين كمقدمة للنيل من طموحات الأمة ومحاولاتها الإنعتاق من أمراضها القاتلة والمعيقة لمسيرتها النهضوية ,وتباعاً تواتر على الأمة سيل عارم من المؤامرات والمشاريع الخبيثة بدءاً بمشروع كامبل وبروتوكولات بنو صهيون وإتفاقات سايكسبيكو وسان ريمو ووعد بلفور المشؤوم ..ومرورا بالكتاب الأبيض وقرار التقسيم وتالياً بعد الإعلان عن ما يسمى دولة (إسرائيل) جملة القرارات الدولية التي شرعنة الإغتصاب الصهيوني لأجزاء عزيزة من الأراضي العربية الفلسطينية ,وتباعاً مايسمى مشروع روجرز وورقة كيسنجر التاّمرية ومعها حزمة قرارات دولية ظالمة أيضاً بحق أقطار عربية أخرى مثل العراق الشقيق ..وأخيراً وليس اّخراً ما تفتق عن عقلية الرئيس الأمريكي المعتوه (دونالد ترامب؟) من صفقات ومشاريع تنسجم بشكل تام وكامل مع المخططات والمشاريع الصهيونية التي لا تستهدف إبتلاع فلسطين وحدها فحسب وإنما الوطن العربي من محيطه لخليجه .
ولا شك أن جملة وحجم تلك المؤامرات المعادية والخبيثة لشعبنا وأمتنا قد واكبها رصيد متخم بجرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية وجرائم التطهير العرقي الممنهج حتى بات معها من الصعوبة بمكان حصر وإحصاء الضحايا الأبرياء , حيث مئات الاّلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين وملايين المهجرين من ديارهم في فلسطين وحدها ,ناهيك عن ملايين الضحايا من الشهداء والمشردين في العراق وعديد الأقطار العربية الأخرى , إضافة لحجم الدمار الشامل والهائل في شتى الميادين وكافة البنى التحتية الذي لحق بفلسطين والعراق والجولان ومدن وعواصم عربية جراء العدوان والغزو والإحتلال المباشر وغير المباشر, ولا ننسى في السياق الإشارة للهجمة الأمريكية المسعورة مؤخراً على القضية الفلسطينية بهدف شطبها وحرمان شعبها من حق تقرير المصير والعودة , حيث أقدمت الولايات المتحدة على وقف كل المساعدات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ,وكذلك وقف كافة برامج الدعم للمستشفيات العربية في القدس وللسلطة الوطنية الفلسطينية ,وإعترافها بالقدس كعاصمة لدولة الإحتلال وشرعنة الإستيطان والتهويد في الأراضي العربية المحتلة ضاربةً عرض الحائط كل قرارات الشرعية الأممية والقانون الدولي .
وبموازاة سيل المؤامرات والمشاريع التصفوية تلك لم يستسلم شعبنا ومعه كل الأحرار في أمتنا العربية ,ولن يرضخ للأمر الواقع ففجر ثورات عديدة كانت بمثابة الصخرة الكأداء التي تحطمت عليها كل تلك المؤامرات وتصدى لها ببسالة منقطعة النظير حتى توجت لاحقاً بالثورة الكبرى عام 1965م في إطار فصائل مقاومة متعددة تحت مسمى منظمة التحرير الفلسطينية. وقد تبعها مباشرة ثورة تموز المجيدة في العراق لتشكلا معا حالةً من النضال المتقدم وتسطرا ملاحم بطولية أبهرت العالم ومرغت أنوف المستعمرين والصهاينة في التراب حتى إرتعدت أوصالهم وكادت تفشل معها كل مؤامراتهم ومخططاتهم الخبيثة تجاه فلسطين والأمة العربية ,مما دفع قوى الإستعمار الغربي ومعهم الصهيونية العالمية وكل قوى الشر مستثمرين غياب المعسكر الشرقي بعد إنهيار الإتحاد السوفييتي وإنفراد الولايات المتحدة بالسطوة على الكرة الأرضية .فجيشوا الجيوش وشكلوا تحالفاً دولياً للنيل من ثورة البعث في العراق وتالياً إضعاف ثورة الشعب الفلسطيني من خلال خديعة ما يسمى إتفاق أوسلو الذي هدفوا من خلاله تصفية القضية الفلسطينية ومشروع الأمة النهضوي .
وأخيراً بعد غزو العراق وتدميره وبعد حصار منظمة التحرير وتجفيف منابعها وحاضنتها العربية الثورية ,ولاحقاً مشاهد الدمار والخراب في معظم العواصم العربية جراء الهجمة الإمبريالية الصهيونية الشرسة.. ينهض شعبنا وأحرار أمتنا مجدداً من بين الركام ومن تحت الأنقاض واصلين درب النضال والكفاح رغم الأشواك وكل المعيقات على طريق النصر ودحر كل المؤامرات والمشاريع المشبوهة والتي كان اّخرها ما يسمى بصفقة القرن التي تستهدف شطب القضية الفلسطينية ومزيدا من التفتيت في حالة أمتنا وجعلها مجرد مزق تتقاذفها الأمم من حولها , معاهدين الله والوطن والشعب والأمة على المضي قدماً بمسيرة النضال والتضحيات الجسام حتى كنس الإحتلال والإستعمار من كافة الأراضي العربية المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل التراب الوطني وعاصمتها القدس الشريف شاء من شاء وأبى من أبى .
بقلم : ثائر محمد حنني الشولي
بيت فوريك – فلسطين المحتلة
نيسان - 2019