إذا تم الطلاق فلا تهدد بالفراق!

بقلم: فايز أبو شمالة

بعد أن تأخذ الرجل الحمية، ويذهب إلى المحكمة، ويقف أمام القضاة، ويطلق زوجته ثلاثاً، ويخرج من المحكمة مرفوع الرأس شامخاً عزيزاً، متفاخراً أمام أمه وأخته ووسائل الإعلام، بأنه طلق التعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية، وانه طلق اتفاقية باريس، وأنه سيعيد ترتيب العلاقة مع الاحتلال، بعد كل هذا، لا يصح أن يهدد الرجل بالطلاق مرة ثانية!!

عقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير جلسته في شهر مارس من سنة 2015، وبحضور الشهود، وقد تم في الجلسة المذكورة اتخاذ القرار بالطلاق البائن من التعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية، ومن اتفاقية باريس، وبصدور ذلك القرار تم إغلاق الأبواب على أي تهديد بالفراق، وما عاد لحديث وزير الإعلام الجديد نبيل أبو ردينه أي قيمة سياسية، حين يقول: إن اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية ستجتمع قريباً وتتخذ "قرارات صعبة" حول وقف التنسيق الأمني مع المخابرات الإسرائيلية والانسحاب من بروتوكول باريس.

المجلس المركزي قرر ذلك في سنة 2015، ثم عاود وأكد على قراره سنة 2017، ثم جاء المجلس الوطني المطعون في تمثيله لغالبية الشعب الفلسطيني، أكد من رام الله على قرارات المجلس المركزي، وعاود المجلس المركزي الجديد 2018، وأكد على قرارات المجلس الوطني، وهكذا، قرارات "دوخيني يا ليمونة" وكلها تؤكد على ما سبق من قرارات، دون تطبيق أي قرار!.

أعترف بأن السياسة أم الأكاذيب، ومن حق القيادة الفلسطينية أن تكذب، وعلى رأسها وزير الإعلام ابو ردينه، اكذبوا كما شئتم يا قيادة، وأنتم قادرون على الكذب، ولتكن أكاذيبكم وبال على العدو الإسرائيلي، ولكن لا تكذبوا على الوطن، فكل كذبة وطنية تكلف الشعب الفلسطيني المزيد من ضياع الأرض، والمزيد من الشهداء، وعذابات الأسرى، والمزيد من تهويد المقدسات.

لقد اجتمعت اللجنة التنفيذية للمنظمة قبل أيام، وهي القيادة العليا، وصاحبة القرار، وهي الجهة التي خولها المجلس المركزي قبل أربعة أعوام لتطبيق قراره بقطع العلاقات مع الاحتلال، ووقف التعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية، لقد اجتمعت اللجنة التنفيذية قبل أسبوع، وبدل أن تساءل رئيس السلطة عن اسباب عدم تنفيذه لقرارهم، اتخذوا قراراً جديداً يطالب الحكومة الجديدة، حكومة الدكتور اشتية، بتطبيق قرارات المجلس المركزي والمجلس الوطني!!

فكيف يصير هذا؟ وهل بمقدور رئيس الوزراء تطبيق قرارات سيادية، مثل وقف التعاون الأمني، ووقف التعامل باتفاقية باريس، وتطبيق قرارات الأمم المتحدة؟ تلك القرارات سيادية، ولا تحتاج سوى تعليمات مباشرة من رئيس السلطة إلى قادة الأجهزة الأمنية بوقف التعاون الأمني مع المخابرات الإسرائيلية، تماماً مثلما اتخذ من قبل قراراً بوقف تسلم أموال المقاصة من الحكومة الإسرائيلية، القرار الذي أضر بالموظف الفلسطيني، وحافظ على أمن المستوطن الإسرائيلي، الذي يتوسع تحت ظلال التعاون الأمني.

لافته: بعد قرار المجلس المركزي بوقف التعاون الأمني، فإن كل خلوة بين أجهزة أمن السلطة الفلسطينية والمخابرات الإسرائيلية هي حرام شرعاً.

د. فايز أبو شمالة