التهدئة تستهدف المفاهيم الجهادية

بقلم: رامز مصطفى

ليس من عادتنا أن نصدق ما يطلقه قادة الكيان من مواقف ، ولا نأخذ بما تقدمه لنا صحفه أومواقعه الالكترونية من معلومات وتحليلات ، ولا نتفاعل مع أوراق تنشرها مراكز أبحاثه يعمل عليها خبراء ومختصون في تلك المراكز . ولكن هذا لا يمنع التوقف عند ما تأتي عليه وسائله الإعلامية من مواقف أو معلومات ، وحتى الأوراق التي تنشرها مراكز الأبحاث العاملة لديه لخبراء هم في أغلبيتهم ضباط ينتمون إلى المؤسستين العسكرية والأمنية في الكيان .
جديد ذلك ، الورقة البحثية للضابط الاحتياط في جيش الاحتلال الصهيوني " عيران ليرمان " ، المساعد لرئيس " المعهد الأورشليمي للدراسات الإستراتيجية والأمنية " ، وأيضاً المساعد لرئيس قسم السياسات الدولية في مجلس الأمن القومي ، عن أن مصر تخدم التوجه الإستراتيجي " الإسرائيلي " في قطاع غزة ، الأمر الذي اعتبره " عيران " الكنز الإستراتيجي ، من خلال وساطتها بين الكيان وحركة حماس .
وينطلق " عيران ليرمان " في كلامه بالاستناد إلى تجربة اتفاقيات " كامب ديفيد " التي صمدت منذ أربعين عاماً ولم تتأثر أو تهتز أو تنهار نتيجة الكثير من الأحداث التي وقعت في المنطقة منذ التوقيع على تلك الاتفاقات ، فتحدث عن ضرب المفاعل النووي العراقي وتدميره في حزيران 1981 ، واجتياح لبنان عام 1982 ، والانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية عامي 1987 و 2000 ، وكذلك المواجهات العسكرية مع الفلسطينيين في قطاع غزة خلال أعوام 2008 - 2009 ، 2012 ، 2014 ، والهزات التي عاشتها مصر في السنوات الأخيرة ، والتي شكلّت تهديدًا لاتفاق السلام ، إلاّ أنه صمد في البقاء بسبب المصالح المشتركة لكل من مصر والكيان .
وكشف " عيران ليرمان " ، عن أن تلك الشراكة تأتي للعمل على تحييد ما أسماه بالمفاهيم الجهادية لدى حماس ، وهو ما أثنى عليه ، واضعاً إياه في خانة القيمة الإستراتيجية الواسعة للكيان ، والذي تلعب فيه المخابرات المصرية دوراً نشطاً ، من خلال الرسائل التي تنقل مباشرة لقيادة حماس ، التي لم تجد خياراً سوى التجاوب معها بسبب عوامل جيوسياسية . الأمر الذي يتيح للكيان وشركائها ، بترتيب أولوياتهم في المنطقة ، حسب ما ورد في ورقة " ليرمان " البحثية . مؤكداً في السياق ذاته عن شراكة روسية مع الكيان " الإسرائيلي " في سورية أيضاً .
ما يهم في الورقة البحثية للصهيوني " عيران ليرمان " وجوهرها ، أن الجهد " الإسرائيلي " يستهدف فيما يستهدفه من وراء التهدئة مع حركة حماس ، ليس مسيرات العودة أوالاقتراب من السياج الفاصل بين القطاع وأراضينا المحتلة عام 1948 ، ولا الطائرات الورقية أوالبالونات الحارقة ، إنما يستهدف مفاهيم وعقيدة حماس الجهادية ، وهذا أيضاً ينطبق على قوى المقاومة الفلسطينية الأخرى . إذاً هذا بيت القصيد ، حيث القصد والمقصد " الإسرائيلي " من وراء كل تلك التسهيلات والمغريات التي ستقدمها إن هي التزمت ، ونموذج اتفاقات " أوسلو " بعد ربع قرن ، الشاهد الصارخ على ذلك .
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني