قبل سنوات ليست بالبعيدة كانت أي حروب يستخدم بها الطائرات تكون هي من تحدد مسار هذه الحرب أو قوتها ومن المنتصر؛ نظراً لتطور صناعة الطائرات في تلك الفترة وخصوصاً الطائرات الحربية منها، ليتم استخداما بكثافة، وتحمل العشرات من الصواريخ لتصيب الهدف الذي انطلقت من اجلها، لكن هذه الفترة انتهت هذه المعادلة وبدأت معادل جديدة، وهي حرب الصواريخ.
في أي دول كانت تنشأ بها حروب يكون الدرع القوي بها هي الصواريخ، بعد تطور الدفاعات الجوية في الدول المتقدمة أصبح الآن دور الطائرة (بالهش)، نظراً لوجود صواريخ ارض جو تصيب هدفها بدقة مهما كان ارتفاع هذا الهدف، بينما الصواريخ يمكن أن تنطلق بالعشرات في دقائق معدودة وتصل الهدف الموجهة له وتصيبه، ومع زخم هذه الصواريخ لا يمكن اعتراضها، كما أعلنت بعض الدول أن صواريخها دقيقة وتصل إلى كل مكان في العالم، ومع تطور صناعة الصواريخ في هذه الفترة في دول العالم أصبح من يملك قوة صاروخية هو من يسيطر على الحرب ويحدد نهايتها، نظراً لان الطائرات لا يمكن أن تقوم مقام عمل هذه الصواريخ.
وهذا ما أعلنت عنه دول كبيرة ومهمة في العالم مثل إيران وروسيا، بان الصواريخ التي تم صناعتها محلية تحقق أهدافها بدقة متناهية، وهذا الأمر جعل إسرائيل تعيد حساباتها من جديد وفشلت في هذه الحسابات والدليل ما حصل في غزة في الفترة الأخيرة من قصف تل أبيب ولم يتم اعتراض الصواريخ الذي انطلقت من غزة، بل وصل إلى الهدف.
وكما أعلنت إيران في وقف سابق بان العقوبات التي فرضت عليها لا تمنعها من صناعة الصواريخ الدقيقة والمتطورة، بل هي ماضية قُدماً في تطويرها وصناعتها.
رُبما الحرب البرية إن نشبت لا تحقق أي هدف سواء كانت هذه الحرب من اجل احتلال دولة بعينها أو القضاء على مجموعة أو الحد من إطلاق الصواريخ، نظراً للتطور الملحوظ في هذه الصناعة كما بينت التجارب بأن الصواريخ يمكن أن تكون متنقلة أو تحمل على الكتف أو من خلال عربة (شاحنة) متنقلة وليس في مكان ثابت كما كان في السابق.
هذه القوة الصاروخية جعلت العالم في حيرة من أمره، وكيف سيدير أي حرب إن نشبت في أي منطقة، وكان هذا واضحاً تماماً حينما دعمت روسيا فنزويلا وسوريا بصواريخ ارض جو متطورة وجعلت أمريكا تقف مكتوفة الأيدي وتُحد من هيمنتها على هذه الدول، والمعروف بأن أمريكا قوتها تكمن في سلاح الجو الذي تملكه، واستعملته في العراق وأفغانستان وغيرها.
ربما إن نشبت أي حرب في المستقبل لا قدر الله ستكون حرب صواريخ قصيرة وطويلة وبعيدة المدى، ويمكن أن تكون بالعشرات إن لم تكن بالمئات ستنطلق في وقت قصير ولا يمكن اعتراض جميعها بل جزء منها.
بقلم : محمد فؤاد زيد الكيلاني
المملكة الأردنية الهاشمية