حول الهجرة الى بلجيكا

بقلم: عبد الناصر فروانة

سفير فلسطين في بلجيكا يقول: ان 22 الف مهاجر فلسطيني وصلوا بلجيكا منذ العام 2013. كان الله في عونهم وفي عونك سعادة السفير.

زرت بلجيكا ومكثت فيها ثلاثة اسابيع وسأغادرها متوجها الى القاهرة. وتنقلت بين مدنها وقراها، واستمتعت بجمالها وسعدت بلقاء  الكثير من الاصدقاء وتعرفت على اشخاص جدد، واستمعت لروايات واحاديث كثيرة من الفلسطينيين والبلجيكيين.فالحياة جنة للبلجيكيين، وجيدة لبعض المهاجرين الفلسطينيين، وعادية للبعض الآخر وصعبة لكثير منهم. هذه حقيقة. فليس كل من يعيش من الفلسطينيين في بلجيكا سعيدا او مستقرا، ولكن كل من وصل بلجيكا كان سعيدا لانه خرج من جحيم غزة.
وهنا سأكرر ما قالته وزيرة الهجرة في بلجيكا قبل اسبوعين : "بلجيكا ليست جنة الله في الارض بالنسبة للاجئين وخاصة الفلسطينيين".
نعم هي ليست كذلك بالفعل، ومن يزور بلجيكا ويلتقي بالمهاجرين الفلسطينيين وخاصة ممن جاءوا في السنوات الاخيرة، ويستمع لشهادات وروايات من يتواجدون في مراكز اللجوء (سنتر) يدرك ما نقول.
فالطريق الى بلجيكا معبدة بالشوق ومحفوفة بالمخاطر واحيانا بالموت. وان نجحتم في تخطي الصعاب والوصول اليها، فالاجراءات فيها باتت معقدة والحياة صعبة وما تصرفه الدولة من معونات  لايكفي للاساسيات. ومن يعتقد ان (اليورو) متوفر على قارعة الطريق فهو واهم.
 انا لا الوم من يبحث عن الهجرة، الى بلجيكا ولست عاتبا على من يشجع شباب غزة على الهجرة ،  واتمنى لكل من وصل الى هناك التوفيق باتمام الاجراءات والتمتع بحياة سعيدة ومستقرة كما كان يحلم بها. ويتخيلها. وانما انتقادي الشديد لكل من  جعل من غزة جحيما وكان سببا في تدهور الاوضاع في غزة مما يدفع الشباب وغيرهم من الفئات الاخرى للهجرة والهروب منها بحثا عن حيا افضل. هذا حقهم. ولا نستطيع منعهم مالم نغير واقعهم في غزة.
في الماضي كنا نحارب الهجرة ونعتبرها خيانة، اوندفع آلاف الدولارات للحصول على لم الشمل .اما اليوم فهناك من يدافع عنها لاسباب كثيرة، او يصمت ازاء من يهاجر. واليوم  ونحن نرى قيادات ومناضلين وآلاف الشباب والعائلات قد  هاجروا فاصبح القول: مرارة الهجرة اهون من قسوة الحياة في غزة..!

ومرة اخرى ونظرا لمرارة الحياة في غزة وقسوتها، فيبقى من حق كل مواطن فيها ان يبحث عن حياة افضل. لكن السؤال: لماذا لم نعمل لاجل ان ننهي الانقسام المرير وان نغير من واقع غزة نحو الافضل وان نجعل منها مكانا للعيش وللحياة الافضل. بل ومكانا لاستقطاب ابناء شعبنا المهجرين والمقيمون في المنافي والكفاءات ..الخ.
غزة واهلها يستحقون أكثر بكثيير مما نحن فاعلون لهم. وهم يستحقون لان  تضحي الفصائل وقياداتها من اجلهم بعيدا عن الحزبية والفئوية الضيقة. اهل غزة يستحقون حياة كريمة يا اولى الالباب. وان الحد من الهجرة وتقليص اعداد المهاجرين من غزة، لايتم سوى عبر تغيير واقع غزة نحو الافضل وحل مشكلات البطالة والخريجين والتوظيف .....الخ.

لكم الله يا اهل غزة فهو خير الناصرين

عبد الناصر فروانة