في شمال قطاع غزة، ومن بين أزقة مخيم معسكر جباليا، داخل بيت بسيط، كان ينبع حلم كبير بإصرار ومجهود طويل، ولكن لا يعلم صاحبه الى اين ينتهي به المطاف، وماهي الصعوبات التي ستواجه الحلم، وما هي النتائج التي سيحصل عليها بعد المحاولة والانجاز والابداع.
الشاب محمد رزق حسن الزيتي (٢٦ عام)، انطلقت منذ عشر سنوات مسيرته الفنية التشكيلية، التي بدأها برسومات بسيطة للأطفال ، فلاحظ إقبال من الاطفال على رسوماته البسيطة، ومن خلال ذلك أراد الزيتي ان يوسع فنه اكثر، خاصة بعد دعم من اهله واصدقائه وجيرانه، فلجأ إلى تشكيل المجسمات التي تجعله قد يبدع ويصبح أفضل ممن هو عليه، وتكون مصدر رزقاً له .
استطاع الزيتي إنجاز أول عمل له وهو عبارة عن مجسم عبر به عن جمال (برج ايفل)، ومن ثم بعد بدأت تتوالى أعماله الجميلة في المجسمات التشكيلية، وتحقيق نسبة من الربح، وتغطية تكاليف أدوات طبيعة عمله كالكرتون المقوى بشكل اساسي والأدوات الأخرى بشكل متقطع.
ولفت إلى أنه كلما زادت خبرته زادت إنجازاته وزاد كبر حلمه، خلال ذلك أصبح يحلم الزيتي بأن يكون فنانا تشكيليا على مستوى عالمي، وقام بتشكيل مجسمات تحاكي الواقع الفلسطيني ومعاناته في الحرب على غزة في عام ٢٠١٤، جسد ذلك من خلال عمل مجسم يوضح فيه استهداف بيوت المواطنين والمساجد والمواطنين الأبرياء من قبل الاحتلال الاسرائيلي، والذي حقق صدى اعلامي، وفضح جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين، فأخذ على عاتقه تجسيد معاناة وقضايا شعبه من خلال عمله كواجب وطني عليه .
ذلك ما شجع الزيتي على تجسيد أزمة شغلت الرأي العام في غزة، التي طالت فصل ١٠٠ موظف من الاونروا، بعمل مجسد تشكيلي عبر به عن حال مدارس الاونروا في ظل الاضرابات والاعتصامات في الشارع الغزي.
بعد سلسلة من الانجازات التي حققها الزيتي كان يأمل أن يتوج عمله وجهده وكفاءته، ولكنه سرعان ما اصطدم بالواقع في قطاع غزة والذي لم يسير معه كما كان يطمح، وذلك بسبب تردي الاوضاع الاقتصادية في غزة وزيادة تدهور الأوضاع المعيشية، وتغيرات في حياته كالزواج وإعالة أسرته.
واشار إلى ان الربح الذي كان يحققه من خلال المجسمات لم يعد كافي ليوفر قوت يومه أو دفع مبلغ بسيط من الديون التي تراكمت عليه ، ولم يعد هناك إقبال على عمله، فقرر أن يترك هذا الفن ويتخلى عن حلمه وطموحه، ويلجأ إلى عمل لا يناسب موهبته وهو عامل تحت اسم "مقاول دهانات منزلية"، ولكنه يستطيع من خلال ذلك العمل، أن يوفر قوت يومه بشكل بسيط، واستمرار حياته بالشكل التقليدي المتدني في قطاع غزة.