عذراً يا صغيرتي صبا ،

بقلم: حازم عبد الله سلامة

بسم الله الرحمن الرحيم

طائرات بكافة أنواعها تجوب سماء غزة الجريحة المنهكة وتصب نيرانها ولظي قذائفها وحمم صواريخها فوق رؤوس المدنيين الآمنين الأبرياء ، فتدمر وتقتل وتمزق أجساد الأبرياء أشلاء بلا أي رحمة أو إنسانية أو ضمير ،
إحتلال غاشم مجرم وحاقد يمارس إرهابه أمام مرأي ومسمع من عالم ظالم صامت وجبان ،
عالم يدعي زوراً وبهتاناً الديمقراطية والعدالة والشفافية وحقوق الإنسان ، عالم مخادع يقف صامتاً أمام أشلاء أطفالنا ونساءنا وشبابنا وشيوخنا وهي تتمزق وتنزف ،
أطنان من المتفجرات تدك قطاع غزة ولا تفرق بين طفل وكهل وامرأة وشاب وكل أبناء شعبنا في دائرة الاستهداف ،

وجع غزة ينزف من قلوبنا ،
استشهاد الرضيعة صبا محمود أبو عرار "عام وشهرين" وأًمها فلسطين صالح أبو عرار "37 عام" وجنينها عبد الله ،
عن أي وجع نتحدث ، عن أي دموع ألم وقهر نحكي ، عن طفلة رضيعة عمرها عام وشهرين استشهدت ، وعن أمها الحامل التي لحقت بطفلتها هي وجنينها الذي لم يولد بعد ، عن أي وجع نتحدث ، وقد تاهت كل كلماتنا بدموع الحزن ووجع القلب ،
عن أي مرارة يعتصرها القلب وينزفها علقم وحنضل حزنا علي براءة الطفولة المذبوحة والممزقة ، فلا الطفلة البريئة صبا أبو عرار سلمت من بطش وإجرام هذا العدو الصهيوني ، ولا حتي الجنين في أحشاء أمه سلم من هذه الترسانة العدوانية الغاشمة ، ولا حتي الأم نجت ولا حتي تمكنت من أن تحتضن طفلتها الرضيعة ، فقذائف وصواريخ الاحتلال لم تمهلها ،

فهل الرضيعة صبا وأًمها والجنين في أحشاءها يشكلون خطر علي الاحتلال ؟؟؟!!! هل الجنين في بطن أمه إرهابي بقانون الاحتلال المجرم ؟؟؟!!! بأي دين وبأي أعراف وبأي قانون تُقتل الرضيعة ويُعدم الجنين ؟؟؟!!!
إنه قانون الإرهاب الصهيوني ، إنها دولة الاحتلال ، دولة فوق القانون ، دولة العصابات الصهيونية ، المدعومة من قوي الشر بالعالم ، فتمارس أفظع الجرائم وأبشع الارهاب أمام صمت هذا العالم الظالم ،

نامي يا صغيرتي بهدوء ، واحتضني أُمك وأخيكِ في الجنة ، وأوصلي شكواكِ ووجعك إلي الله ، اشكي إلي الله كل الظالمين وإقسي بشكواكِ علي زعماء العمامات والعقال والعباءات والقرافات ، قولي كل شيء يا صغيرتي ، فانهم خذلوكِ وخذلوا كل الأُمة ، تركوكِ وحيدة تحت قصف صواريخ وقذائف ونيران عدو جبان لولا صمتهم وتخاذلهم لما تجرأ الاحتلال الجبان أن يغتال طفولتك البريئة ، ويقتل إبتسامتك الجميلة ، ويحولك من ملاك رائع برئ إلي أشلاء ممزقة متناثرة ،
نامي بهدوء نوماً ملائكياً واحضني والدتك الشهيدة وأخيكِ الشهيد الجنين الذي لم يري دنيانا وغادر إلي جنان النعيم قبل أن يُولد ، فكان عبد الله المولود في الجنة ، عصفوراً من عصافيرها يطير محلقاً معانقاً لكم ،

أي الكلمات وأي العبارات وأي المرادفات قد تعبر عن وجعنا وحزننا وآلامنا وجرحنا الغائر النازف قهراً ،
فقدرنا يا صغيرتي أن نكون فلسطينيين وما أجمله من قدر ، قدرنا أن نكون إختيار الله لنا لنبقي رأس الحربة للدفاع عن الأُمة ، قدرنا أن ينتقينا ويختارنا الله لننال الشهادة ، ونسجل ونكتب للأجيال تاريخاً مشرفاً ناصعاً ، فكل حروف التاريخ مزورة إلا التي كُتبت بالدم ، دم الشهداء ، فقدرنا أن نكون فلسطينيين ، لنكتب بالدم لفلسطين كرامة وحرية وتضحية ، إنها فلسطين الوطن يا أم صبا يا فلسطين ،
الشهيدة فلسطين صالح أبو عرار تكتب بالدم لفلسطين الوطن ، أم وجنينها عبد الله وطفلتها الرضيعة صبا ، ثلاثة نجوم حلقت في سماء الوطن ، وثلاثون ألف ألف وجع ، فهل بقي من انسانية هذا العالم شيء ؟؟؟
عذراً يا صغيرتي صبا ، فقد مات الضمير وشُيع جثمانه ، وما عاد هناك ضمير يُذكرُ ،
وحسبنا الله ونعم الوكيل ،

كتب : حازم عبد الله سلامة " أبو المعتصم "
[email protected]
5-5-2019