قراءة في نتائج العدوان على قطاع غزة

بقلم: رامز مصطفى

الجولة الأخيرة من العدوان البربري والهمجي على القطاع انتهت بعد وساطة مصرية قد سعى إليها نتنياهو ، بعدما أيقن أن الاستمرار في عدوانه وتدحرجه نحو حرب مفتوحة لن تكون في صالحه أو صالح كيانه الغاصب ، حيث الأيام الثلاثة لهذا العدوان قد جاءت بنتائج عكسية من خارج ما سعى إليه نتنياهو وجوقته الحزبية أو العسكرية والأمنية ، فمن خلال قراءة لنتائج هذا العدوان ، نخلص إلى الآتي :-
1. توقف العدوان بعيداً عن شروط كان نتنياهو يمني نفسه بها ولم يحصل عليها ، إنما يمثل انتصاراً للمقاومة ، التي يعود لها الفضل في إطلاق صواريخها بكثافة غير مسبوقة وبدقة غير معهودة ، وهذ باعتراف العدو نفسه ، الذي أقرّ أن المقاومة أطلقت ما يزيد عن 650 صاروخ . وهذا ما أكده " بيني جانتس " رئيس حزب أزرق أبيض ، حين قال :- " إن ما يقرب من 700 صاروخ أطلقت من قطاع غزة ، خلفت دماراً كبيراً وعشرات الجرحى و 4 قتلى " . وكذلك ما صرحّ به " يائير لابيد " قائلاً : " إنه بعد سقوط أربعة قتلى إسرائيليين والعشرات من الجرحى ستواصل حماس تلقي الأموال " .
2. صحيح أن القطاع يئن من وطأة الحصار المفروض على أهله منذ أكثر من عشر سنوات ، ولكن بما يمثل من جبهة داخلية للمقاومة وكتائبها لا يزال على تماسكه وقدرته على على إظهار القدر العالي من الوحدة والتكافل والإنصهار مع المقاومة في بوتقة مواجهة العدوان . على عكس مجتمع المستوطنين ، الذي أظهر تفككاً وإنهياراً وخوفاً شديداً على مستقبله . وغير متجانس مع حكومته أو جيشه ، وهذا ما يفسر كم الانتقادات التي يواجهها بعد فشله بعد كل عدوان .
3. سقوط ما حاول نتنياهو فرضه من معادلة الهدوء مقابل الهدوء ، قد أنهى قدرته على المناورة مستقبلاً ، فقبل العدوان الأخير شيء وما بعده شيء أخر . وعلى نتنياهو كسر الحصار التزاماً بالتهدئة أو التفاهمات التي لا زالت مرفوضة من قبل العديد من الفصائل ، التي تدرك أن تلك التفاهمات ستسجلب سياقاً سياسياً محفوفاً بالمخاطر .
4. الأداء الرائع والمُشرف للمقاومة حولها إلى رافعة يُبنى عليها إذا ما أُريد الاعتماد عليها في كسر صفقة القرن وإفشالها ، وفق رؤية وطنية جامعة للكل الفلسطيني ، فصائلاً وقوىً ونخباً على مختلف مسمياتها .
5. كان من المؤكد أن حجم الأذى الذي سيلحقه العدوان أكبر من حجم الخسائر التي ستلحقه المقاومة بالكيان ، ولكن هذه الجولة المقاومة تمكنت المقاومة من إلحاق كم من الخسائر في القتلى والجرحى والبنى التحتية والمنشأت . والمعلومات المتداولة من داخل الكيان أن خسائره أكبر بكثير مما أعلن عنه ، وهذه عادته في إخفاء تلك الخسائر التي بلغت حسب المتداول حوالي 20 قتيلاً من الجنود والمستوطنين ، وأكثر من 260 جريحاً بعضهم في حال الخطر . ناهينا عن الخسائر في الأبنية والمنشأت ، عدا عن حالات الانهيار النفسي والمعنوي التي أصابت المستوطنين .
6. بفضل رد المقاومة وبسالتها ، وضعت الكيان ومن خلفه الولايات المتحدة ، أن الاعتداء والعدوان على دول محور المقاومة ستكون كلفته باهظة الثمن بما فيها وجود الكيان .
7. ردات الأفعال الغاضبة داخل االكيان على نتنياهو ، تعكس حقيقة أن الأخير سيكون أمام مأزق جدي في تشكيل توليفة حكومية تتماشى معه ، إلاّ إذا رضخ إلى شروط من خارج ما يرغب ويريد .
8. معضلة غزة بالنسبة للكيان ستبقيه في حالة قلق دائم ، وهذا ما عبرّ " شتاينيتس " عضو " الكابينت " ، بأن الاحتلال سيبقى يعاني من غزة 30 عام .
9. وفوق كل شيء ، فإن المحاولات البائسة لدك الأسافين بين قوى المقاومة ، وإظهار أن حركة الجهاد قد استدرجت حماس إلى المعركة ، وأن حماس شيء والجهاد شيء أخر ، قد باءت بالفشل الذريع .
لا يعني أن الجولة الأخيرة من العدوان على قطاع غزة قد انتهت ، ولكنها لن تنتهي ، حسب ما صرح به نتنياهو في قوله " المعركة لم تنته لكنها تتطلب منا صبرا وحكمة . نحن مستعدون للتتمة . هدفنا لا زال وسيبقى توفير الهدوء والامن لسكان الجنوب . وأنّ إسرائيل ستعود لسياسة اغتيال القادة الفلسطينيين " . الأمر اذي سيستدعي رداً جديداً من المقاومة . وهذا ما أكد عليه أمين عام حركة الجهاد الإسلامي قبيل العدوان الأخير " عن أن المقاومة سترد ، ولن تمنعها أية خطوط حمراء ترسمها التفاهمات " .
من المؤكد أن المقاومة ستبقي على جهوزيتها واستعداداتها ومراكمة قدراتها وإمكانياتها مما سيلحق الهزيمة النكراء والكبرى بالكيان وجيشه وجنرالاته ومستوطنيه ،عند أي عدوان جديد على قطاع غزة .
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني

المصدر: كتب: رامز مصطفى -